Ads 468x60px

الجمعة، 23 أغسطس 2013

ابنة الرجل الشهم

ابنة الرجل الشهم

يُحكى أن أحد الشيوخ تقدّم به العمر وكان له ابن شابٌّ فأوصاه أن لا يتزوج إلا من ابنة رجل شهم ، وقال له : إن ابنة الرجل الشهم تستطيع أن تعيش معها حياة طيبة ، لأن تربيتها تكون تربية حسنة إضافة إلى أن وراءها أب تظل عينه ترعاها حتى لو كانت متزوجة وفي بيت زوجها ، أما ابنة الضعيف من الرجال فلا يأتيك من ورائها إلا المشاكل بسبب التربية الفاسدة ، وعدم وجود من يوقفها عند حدها فيما لو حدث سوء تفاهم بينها وبين زوجها .

وعاش الشيخ فترة من الزمان ثم انتقل إلى رحمة الله . وبحث الابن عن زوجة ملائمة تكون ابنة لرجل شهم حسب المواصفات التي أوصاه والده بها ، ووجد في نهاية المطاف فتاة تنطبق عليها تلك المواصفات .

فجاء إلى أهلها وطلب يدها من أبيها وأخبره بقصته ووصية أبيه له ، فقال له أبو الفتاة : أزوجها لك ولكن بشرط إذا وافقـت عليه فهي لـك ، وإذا لم توافق فابحث لك عن فتاة أخرى ، فلن أزوّجها لك .

فقال الشاب : وما هو هذا الشرط ؟

فقال الأب : إذا أغضبت زوجتك بعد أن تتزوج وجاءتني غاضبة وحردانة فلا تأتي لتراضيها إلا بعد حَوْل ، أي بعد عام ، لأني لن أعيدها لك قبل مرور العام .

ووافق الشاب على هذا الشرط ، وتزوج من ابنة ذلك الرجل الشهم ، وعاش مع زوجته فترة من الزمن حياة سعيدة هانئة ، فكانت تعجن وتخبز وتعدّ الطعام ، وتغسل الملابس وتقوم بكل أعمالها المنزلية على أحسن وجه ، ولا تزور أحداً من جيرانها ولا تختلط بأي إمرأة من جاراتها . وتبقى دائماً ملازمة لبيتها لا تخرج منه إلا للضرورة القصوى .

وفي أحد الأيام كان عند أحد أقارب زوجها عرس لواحدٍ من أبنائهم فقالت لزوجها : ما رأيك أن تأخذني معك في هذه المرة . فهؤلاء الناس أقاربك وهم ليسوا غرباء عنا ، وعلينا أن نشاركهم فرحتهم ونقف بجانبهم ، فهذا واجب علينا ولن يكون هناك ما يضرنا إن شاء الله .

فقال لها : أخشى عليك من اجتماع النسوة ، فاجتماعهنَّ لا يأتي منه خير .

فقالت : لا عليك ، فأنا عندي عقل أميّز به ، ولن يستطعن التأثير عليّ .

فذهب الرجل واصطحب امرأته معه وما كادت تصل حتى تناولتها النسوة وجلسن إليها وسألنها عن حياتها وقلن لها : ما لك يا أخت لا تخرجين من بيتك ولا تزورين أحداً من جاراتك ، فماذا تعملين وكيف تقضين أوقاتك .

فقالت : أقوم بأعمالي المنزلية من طهي وغسل وغيره ، ثم انتظر زوجي حتى يعود ، فنأكل سوية ونحن بخير والحمد لله .

فقلن لها : ما أقل عقلك إنك لا تعرفين من أمور الدنيا شيئاً ، ومن أجل ذلك هو يمنعك من الخروج من البيت حتى لا تعرفي الحقيقة وتظلي تخدمين عنده وكأنك خدّامة لديه .

وقلن لها : إننا لا نعمل شيئاً مما ذكرتِه في البيت لأن هذه الأشياء من عمل الرجال ، فالرجل هو الذي يعد الطعام ويغسل الملابس وينظف البيت ، ونحن لا نعمل شيئاً . وعادت المرأة إلى بيتها وهي تظن أنها فهمت سراً غاب عنها وصممت أن تكون كباقي النسوة ولا تعمل شيئاً من أعمال البيت لأنها من واجبات الزوج وليس من واجباتها هي .

وفي اليوم التالي عاد الزوج من عمله فوجد زوجته نائمة ولم تعدّ له طعاماً ولم تقم بأي عمل من أعمال المنزل ، فقال في نفسه ربما تكون مريضة ، فقام وأعدّ طعاماً لنفسه ودعاها وأكلا معاً .

وفي اليوم التالي عاد من عمله ووجدها نائمة كما وجدها بالأمس ، ولم تعد له طعاماً ولا غيره ، وأراد أن يعمل لنفسه مثلما عمل بالأمس ولكنه سألها : ما الذي جرى لك يا امرأة ؟ هل أنت مريضة ، أو ماذا أصابك فلم تعدي لي طعاماً ولم تعملي شيئاً من أعمال المنزل .

فقالت له : لا أنا لست مريضة ، لأن هذه الأشياء يجب أن يقوم بها الرجل وليس أنا ، أوتحسبني مغفلة ، كل النساء لا يعملن شيئاً لأزواجهن ، وأنا أقوم لك بكل هذه الأعمال .

فقال لها : من أخبرك بذلك ؟

فقالت : النسوة أخبرنني بذلك بالأمس ، وأنا سأكون مثلهن ، ولن أعمل شيئاً من أعمال المنزل ، فهذا شيء يخص الرجال فقط .

فقال لها : يا زوجتي ، لقد خدعتك تلك النسوة بفساد رأيهن ، فعودي لرشـدك ، وأرجعي إلى ما كنت عليه .

فقالت : لن يكون ذلك ، فهن لسن بأفضل مني .

فقال لها : ما دام الأمر على ذلك ، فهيا إلحقي بأهلك .

فقامت ووضعت بعض أغراضها ومتاعها في صُرَّة وحملتها على رأسها وعادت إلى بيت أبيها ، وعندما رآها أبوها مقبلة وعلى رأسها صُرَّة الملابس عرف أنها جاءت غاضبةً وحردانة ، فقال لأمها : استقبليها بفتور ولا تبشي في وجهها ولا تريها وجهـاً طيباً .

وبعد أن استراحت قليلاً قال لها أبوها : تعالي اسقي لي المواشي يا ابنتي ، ونظفـي الحظيرة واعملي كذا وكذا حتى أرهقها ، وصار في كل يوم يشغلها طيلة النهار ، واستمر الحال بها على ذلك الشكل فترة من الزمن ، فندمت ولامت نفسها وعرفت أن النساء خدعنها لأنها كانت تعيش سعيدة في بيتها ، وصارت تنظر إلى طريق زوجها عله يأتي ليراضيها ويعيدها إلى بيتها ، ولكن زوجها كان لا يستطيع أن يأتي قبل مرور عام ، فرأت عند والدها ألواناً من العذاب من تعب وإرهاق ومذلة بعد أن كانت سيدة مطاعة في بيتها ، فلامت نفسها وبكت على حظها ولكن دموعها لم تجدِها نفعاً لأن زوجها لن يأتي قبل مرور العام .

وبعد أن انقضى العام جاء زوجـها ليراضيها ، فقـال أبو الفتاة لامرأته : استقبليه بفتور وافرشي له كيساً ليجلس عليه ، واطبخي له طعاماً من العدس ، والعدس طعام يملّه أهل الصحراء لكثرة استعماله وهو في هذه الحالة تحقير وتقليل في واجب الضيف وشأنه ، وبعد أن جلس الرجل واستراح قدموا له طعاماً من العدس ، وكانت زوجته ترى ذلك ، وتأكل نفسها وتصرّ على أسنانها ، وتقول لنفسها أيقدّم له عدساً بعد هذا الغياب الطويل وهو كريم وعزيز في قومه ، إن ذلك احتقار له وازدراء وإهانة به . وعندما حلَّ المساء قال أبو الفتاة لزوجته : افرشي لصهرك كيساً وضعي برذعة الحمار وسادة له .

وفي الليل جاء أبو الفتاة إلى صهره وقال له قم ونم مكاني وكان قد أعد له فراشاً نظيفاً وغطاءً سميكاً ، فقام الرجل ونام مكان صهره ، أما الأب فنام على الكيس وتوسد برذعة الحمار وغطّى رأسه باللحاف .

وبعد ساعة من الوقت جاءت زوجة الرجل تختلس الخطى وهمزت أباها وهي تظنه زوجها فتظاهر بالنوم ، فقالت له قم فقد أعددتُ لك حماماً مطبوخاً لأن ذلك الشيخ النحس عشّاك عدساً ، لأنه لا يعرف قيمتك ومقدارك ، آه منه ما أظلمه ، فقد أراني ألواناً من العذاب في غيابك .

وتظاهر الرجل بالتعب والنوم ولما لم يقم تركت الطعام عنده وهي تظنّه تَعِباً ، أما الشيخ فكان يضحك بينه وبين نفسه .

وفي الصباح قال الرجل لابنته : ارجعي مع زوجك الآن ، وحاولي ألاّ تغضبيه ، أو تخرجي عن طاعته ، وعادت المرأة مع زوجها وهي تشكو له ظلم أبيها لها وكيف أرهقها بكثرة الأعمال التي كانت تقوم بها في كل يوم .

وفي اليوم التالي جاءت النسوة ليهنئنها بالعودة فلاقتهن خارج البيت وقالت : والله لن تدخل واحدة منكن بيتي ، اذهبن فقد أفسدتن عليَّ حياتي ، هيا لا أريد أن أرى واحدة منكن بعد اليوم .

وهكذا عاشت مع زوجها حياة رغدة هانئة بعد أن عرفت مصدر الفساد وتجنبته بطردها تلك النسوة ، بعد أن كدن يخربن بيتها ، ويفسدن عليها حياتها .
Read more

الخميس، 22 أغسطس 2013

جدي الخليل

جدي الخليل

يحكى أنّ إبراهيم الخليل عليه السلام عندما قَدِمَ إلى منطقة الخليل ، استقبله أهلها بالاحترام والترحاب واحتفوا به ، ودعاه بعضهم وذبحَ له جدياً وعمل له قِرَى .

وصار الذين عملوا القِرَى كلما احتاجوا شيئاً من الخليل عليه السلام ، يقولون له : نحن الذين ذبحنا لك جدياً ونريد كذا وكذا ، وصار إذا ذهب أحد من معارفهم أو أقاربهم يقولون له نحن من أقارب الذين ذبحوا لك الجدي .

وتكررت القصة مرات ومرات حتى أن الخليل عليه السلام ضجّ من ذلك ، وفي يوم جاءه بعض الأشخاص وعندما سألهم من أين أنتم قالوا له نحن من جيران الذين ذبحوا لك الجدي ، فيقال إن الخليل وضع إصبعه في فمه وتقيأ بشدة فخرج الجدي حياً يجري على أقدامه ، فقال لهم : خذوا جديكم ، واذهبوا في حال سبيلكم .

ومن يومها أصبح من يكرم بشيء ويعود يذكره أو يذكّر به ، يقولون له هذا يشبه جدي الخليل ، والله تعالى أعلم .
Read more

الأربعاء، 21 أغسطس 2013

العشب في حليقات


يُحكى أنه كان لأحد الأشخاص عبدٌ يرعى مع إبله وشائه ، وكان لجارٍ له غير بعيد منه جارية سوداء ، وكانت هذه الجارية تهوى ذلك العبد وتحبه ، وكانت تبعث له بين الحين والآخر شيئاً يأكله ، أو مشروباً يشربه دلالة على حبها له وشغفها به ، وكان العبد يبادلها ذلك الشعور وتلك العاطفة ويتمنى الزواج منها ، ولكنه لا يجرؤ على البوح لسيده بذلك الأمر ، ودام الأمر على ذلك الحال فترة من الزمان رحل خلالها الرجل صاحب العبد بإبله ومواشيه وعبيده إلى مكان آخر يكثر فيه الربيع والكلأ ، وكان ذلك المكان قرب قرية تسمى حُليقات في منطقة الساحل ، وشعرت الجارية بأن العبد الذي تهواه قد ارتحل وابتعد عندها ، فاحتارت في أمرها وفكّرت ماذا عساها تفعل ، فعمدت إلى بعض الطرق لكي تُحَبِّب ذلك المكان الذي ارتحلوا إليه إلى سيّدها عساه يرتحل إليه وكانت تقول له : سمعت يا حَبَّاب(1) أن العشب في حليقات(2) للخِلّة(3) ، أي أن طول العشب في حليقات يصل إلى طرف الساتر الخلفي للخيمة وهو حوالي متر ونصف المتر ، وهي تمني النفس أن يرحل سيّدها إلى ذلك المكان فتتمكن بدورها من رؤية العبد الذي يحبه قلبها ، ولكن سيدها كان يدرك ما ترمي إليه الجارية ، فلم يعر الأمر اهتماماً ، بل ارتحل إلى مكان آخر حيث يكثر العشب والربيع وظلت الجارية تعيش على ذكرى ذلك العبد فترة من الزمان دون أن تتمكن من رؤيته .

_______________________
(1) - حَبَّاب : كلمة تحبُّب يقولها العبد لسيده .
(2) - حُليقات : قرية فلسطينية مهجرة تقع في منطقة التلال المتدرجة في السهل الساحلي – أنظر كتاب " كي لا ننسى " لوليد الخالدي ص 536 .
(3) - الخِلّة : واحدها خِلال وهو سلك معدني معقوف الرأس ، ومحدد من الطرف الآخر يُشبك به الساتر الأمامي والخلفي بالجزء العلوي من بيت الشَّعْر .
Read more

الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

مناظرة بين رجل وامرأة صالحين تؤدي لهلاك الاتباع

مناظرة بين رجل وامرأة صالحين تؤدي لهلاك الاتباع

يُحكى أن رجلاً صالحاً عُرف بالورع والتقوى ، واشتهر بذلك بين الناس ، وعمت شهرته في الآفاق ، وأصبح له أتباع ومريدون ، وصاروا يتحدثون عن كراماته في مجالسهم المختلفة .

وسمعت به امرأة صالحة أخرى تعيش في بلدٍ آخر ، ولها مكانتها وشهرتها ، وسمعت ما يتناقله الناس عن ورعه وكراماته فقررت أن تناظره وتغلبه حتى تصبح هي صاحبة السيادة والكلمة في تلك المنطقـة ، فبعثت إليه وأخبرته عن رغبتها في مناظرته واتفق الاثنان على الاجتماع في مكانٍ في القرية في يومٍ محدّد اتفقا عليه ، وكانت تلك المرأة بارعة الحسن والجمال ، فلبست أفخر ما لديها من الملابس وذهبت لتلتقي به في ذلك المكان ، ولتجتمع بذلك الرجل الصالح وتناظره في المسائل التي اتفقا عليها .

وجلس الرجل الصالح وانتظرها حتى جاءت وألقت التحية وجلست ، ثم بدأت تطرح عليه الأسئلة وهو مطرق لم ينظر إليها ولم يرفع بصره نحوها ، وكان يجيب على كلّ سؤال تطرحه عليه إجابة شافية لا تترك لها مجالاً للزيادة .

وبعد أسئلة عديدة أصابها الإعياء وأدركت أن منافسها ليس سهلاً ، فكشفت عن وجهها لتغريه وتفتنه بجمالها ، ولكنه ظل مطرقاً لا ينظر إليها ، بل ظل يجيب على أسئلتها وهو على هدوئه المعتاد ، فيئست وأعيتها الحيلة فقالت غاضبة : كُلْـهُ يا قمل .

فانتشر القمل على ملابسه وجسده ، حتى كاد يغطيه بالكامل .

فقال : نَقِّـهِ يا نمل .

فأخذت كلّ نملة قملةً وسارت بها .

وهكذا انتصر ذلك الرجل الصالح على تلك المرأة وغلبها وحافظ على مركزه ونفوذه ،وعادت هي إلى منطقتها دون أن تحقق ما كانت تطمح إليه ، ويقول البعض إن العداء ما زال قائماً بين أتباع هذين الصالحين حتى يومنا هذا ، والله تعالى أعلم .
Read more

السبت، 17 أغسطس 2013

حكاية الحرز اليماني

حكاية الحرز اليماني

رواها العلامة المجلسي في (البحار) عن والده وأنا الحقير رأيت بخط والده الملا محمد التقي رحمة الله في ظهر الدعاء المعروف بالحرز اليماني قصة أكثر بسطاً مما هو مذكور هنا مع إجازة لبعضهم وها أنذا أنقل ترجمتها:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة على أشرف المرسلين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعد:

فقد التمس مني السيد النجيب الأديب الحسيب زبده السادات العظام والنقباء الكرام الأمير محمد هاشم أدام الله تعالى تأييده بجاه محمد وآله الأقدسين أن أجيز له الحرز اليماني المنسوب إلى أمير المؤمنين وإمام المتقين وخير الخلائق بعد سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليهما ما دامت الجنة مأوى الصالحين فأجزته دام تأييده وما يرويه من الدعاء هو مني بإسنادي عن السيد العابد الزاهد الأمير إسحاق الأسترابادي المدفون بقرب سيد شباب أهل الجنة أجمعين – بكربلاء- عن مولانا ومولى الثقلين خليفة الله تعالى صاحب العصر والزمان صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الأقدسين.

وقال السيد: كنت في الطريق إلى مكة فتأخرت عن القافلة ويئست من الحياة فنمت على ظهري كالمحتضر وأخذت في قراءة الشهادة وإذا بي أرى فوق رأسي مولانا ومولى العاملين خليفة الله على الناس أجمعين فقال لي: قم يا إسحاق فقمت وكنت عطشان فسقاني حتى رويت، وأردفني خلفه فأخذت في قراءة الحرز اليماني وهو عليه السلام يصححه لي في بعض المواضع حتى أكلمته فإذا أنا بالأبطح فقال: أنزل فلما غاب عني فلما كان بعد تسعة أيام وصلت القافلة واشتهرت بين أهل مكة أني أتيت بطي الأرض وبعد أداء المناسك تواريت عن الناس.

يقول الشيخ عباس القمي (رحمة الله) وكان هذا السيد قد حج أربعين حجة ماشياً فلما تشرفت بلقائه في أصفهان عندما قدم من كربلاء قاصداً زيارة مولى الكونين الإمام علي بن موسى الرضا (صلوات الله عليهما)وكان في ذمته مهر زوجته سبعة تومانات كانت مودعه عند شخص من ساكني المشهد الرضوي فرأى في نومه أن أجله قد أقترب فقال لقد جاورت في كربلاء خمسين سنة كي أموت هناك وأخاف أن يأتيني الموت من مكان غيره فلما علم بحاله بعض إخواننا أعطاه ذلك المبلغ وبعث معه إخواننا في الله.

قال ذلك الأخ لما بلغ السيد كربلاء وأدى الدين الذي عليه وقع مريضاً وتوفي في اليوم السابع في منزله.

وقد رأيت منه أمثال هذه الكرامات خلال إقامته في أصفهان (رضي الله عنه) ولي إجازات كثيرة لهذا الدعاء لكني اقتصرت على هذا وأرجو أنه- دام تأييده- لا ينساني في مظان الدعوات والتمس منه أن لا يدعو بهذا الدعاء إلا الله تبارك وتعالى وأن لا يدعو به لهلاك عدوه إن كان ذا إيمان ولو كان فاسقاً أو ظالماً وأن لا يدعو به لأجل الدنيا الدنية كلها. بل يجدر الدعاء به التماساً للتقرب من الله تبارك وتعالى ودفعاً لضرر شياطين الإنس والجن عنه وعن جميع المؤمنين فإن أمكنه أن ينوي القربة في هذا وإلا فالأولى ترك جميع المطالب غير القرب من الله تعالى شأنه.

نمقه بيمناه الداثرة أحوج المربوبين إلى رحمة ربة الغني محمد تقي بن المجلسي الأصفهاني حامداً لله تعالى ومصلياً على سيد الأنبياء وأوصيائه النجباء الأصفياء قال والد شيخي: فأخذت منه هذه النسخة من الدعاء على تصحيح الإمام (ع) وأجازني بروايته عن الإمام (ع) وهو أجاز ولده الذي هو شيخي المذكور طاب ثراه وكان ذلك الدعاء من حملة إجازات شيخي لي وقد مضى علي وأنا به أربعون سنة ورأيت منه خيراً وفيراً.

ثم ذكر قصة منام السيد وأنه قيل له في المنام عجل بالذهاب إلى كربلاء فقد دنا أجلك وهذا الدعاء موجود بالنحو المذكور في المجلد التاسع عشر من (بحار الأنوار).
Read more

الخميس، 15 أغسطس 2013

الذي حصد الزيتون

 الذي حصد الزيتون

يُحكى أن أحد الأتقياء كان متصوفاً منقطعاً إلى العبادة , وحدث أن جُذِبَ ذات يوم , وكان كلّ مَنْ يُجْذب من هؤلاء الصالحين يهيم على وجهه , ويترك أمور الدنيا ، ولا يهتم لا بملبسه ولا بمظهره ، وهام الرجل على وجهه وطال شعرُ لحيته , وبَلِيَتْ ثيابُه وأصبحت رثّة مهلهلة , وكان يبيت في أي مكان يدركه فيه المساء .

وذات يوم أدركه المساء في قرية بعيدة نائية , وكانت حالته تدل على الفقر والحاجة , ناهيك عن شكله ومظهره الخارجي ، فجاء إلى أحد البيوت ، ففرشَ له صاحب البيت , وقدم له عشاءً مما تيسّر من طعام البيت ، وأخذ معه في الحديث وسأله قائلاً : لماذا لا تعمل يا أخي بدل أن تهيم على وجهك لا تملك شيئاً من أمور الدنيا ؟.

فقال : وماذا أعمل , وأنا لا أُحسن شيئاً من الأعمال .

فقال صاحب البيت : ألا تحصد ؟!

فقال الرجل : بلى , ولي معرفة بالحصـاد , وسبـق أن حصـدت كثيراً .

فقال له : ما رأيك إذن أن تحصد عندي قطعةً من الأرض , وسأعطيك عليها أجراً يرضيك , ويسدّ حاجتك ويغنيك عمَّا أنت فيه من فقر .

وافق الرجل على هذا العرض دون أن يطلب أجراً ، أو حتى دون أن يسأل عن قيمة ما سيُدفع له عن عمله وأتعابه.

فقال له صاحب البيت : إذن تبدأ عندي في الصباح الباكر إن شاء الله ، وأضاف : هيا لأريك الحقل فهو غير بعيد من هنا ، فذهب معه وشاهد الحقل ، وكان عبارة عن دونمات قليلة تحيطها أشجار من الزيتون من جهاتها الأربع ، وعمر هذه الأشجار لا يتعدّى الثلاث أو الأربع سنوات .

وأعطى صاحب البيت منجلاً لذلك الرجل حتى يسري عندما يستيقظ في الصباح الباكر ليحصد قبل أن يطير الندى فتتكسر عيدان الزرع ويصعب حصدها .

ونام الرجل ونام صاحب البيت , وفي منتصف الليل استيقظ الرجل وظن الوقت فجراً فأخذ منجله وسار متوجهاً نحو الحقل فأراد أن يحصد وقبل أن يبدأ أتتـه حالة الجذب التي تصيبه دائماً ، فأصبح لا يدري عن نفسه . فقال : يا قوة الله , ويا سرَّ جدودي وأخذ يحصد دون أن يدري ما يفعل حتى حصد جميع الحقل . ثم عاد يحمل منجله ونام في مكانه مرهقاً مما أصابه من غيبوبة الجذب ، ولم يستيقظ إلا بعد أن اعتلت الشمس وارتفعـت كثيراً , وكاد الندى يطيـر .

فقال صاحب البيت : إن هذا الرجل لا يصلح للعمل , فأتى إليه وأيقظه وهو يقول له : قم يا رجل , اعتلت الشمس وأنت ما زلت نائماً , .فمتى ستحصد إذن !

فقال الرجل الصالح : ابحث لك عن أناس ليُغَمِّرُوا(1) لك زرعك ، واذهب إلى حقلك فقد حصدته كلّه .

فقال صاحب البيت : حقاً إنك مجنون أيها الرجل ، كيف حصدته وأنت لم تقم من مكانك ، وكيف تستطيع حصده كله في يوم واحد .

فقال له : اذهب كما قلت لك ولِمَّ زرعك فقد حصدته كله كما ذكرتُ لك .

فذهب الرجل غير مصدّقٍ ما سمعت أذناه ، وعندما وصل إلى الحقل صرخ من هول ما شاهد ، وأخذ يلطم على رأسه ويمزق شعره بيديه ، ويصرخ فقد رأى أن الزرع قد حُصد كله بالفعل ، وأن أشجار الزيتون قد حُصدت هي أيضاً ولم تبقَ منها شجرة واحدة .

فعاد إلى بيته باكياً ، وقال للرجل : كيف فعلت ذلك ؟

فقال له : لا أدري .

فأدرك صاحب البيت عندها أن هذا الرجل من عباد الله الصالحين , فأخذ يقبّل يديه ويستسمحه إن كان قد اخطأ في حقّه ويسأله معاتباً كيف فعلت ذلك ، ألم تشعر بأشجار الزيتون ؟!.

قال : لم أشعر بأي شيء سوى أني سمعت صوت المنجل وقد قطع شيئاً صلباً في مكان كذا من الحقل .

فذهبوا ليفحصوا هذا الشيء فوجدوه عظم جمل مغروز في الأرض وقد قصه المنجل نصفين , فتعجبوا لذلك .

وأكرم صاحب البيت ضيفه ، وجاءت عائلته لتصافحه وتتبرك من كراماته , ثم ودعهم وسار في حال سبيله بعد أن وعدهم أن يزورهم في كل مرة يمر فيها من قريتهم .

_________________
(1) – الغِمْر : هو الكوم الصغير من القشّ المحصود ، وغَمَّرَ يُغَمِّرُ : أي جمع هذه الأكوام في مكانٍ واحد استعداداً لنقلها .
Read more

الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

حكاية أبي راجح الحمامي ولقاء الامام المهدي

حكاية أبي راجح الحمامي ولقاء الامام المهدي

ذكر المجلسي في (البحار) نقلاً عن كتاب (السلطان المفرج عن أهل الإيمان) تأليف العالم الكامل السيد علي بن عبد الحميد النيلي النجفي قال علي بن عبد الحميد عند ذكر من رأى القائم (ع) السلام:

فمن ذلك ما اشتهر وذاع وملأ بقاع وشهد بالعيان أبناء الزمان وهو قصة أبي راجح الحمامي بالحلة وقد حكي ذلك جماعة من الأعيان الأماثل وأهل الصدق الأفاضل ومنهم الشيخ الزاهد العابد المحقق شمس الدين محمد بن قارون سلمه الله تعالى قال:

كان الحاكم بالحلة شخصاً يدعى مرجان الصغير وكان ناصبياً فرفع إليه أن أبا راجح هذا يسب الصحابة فأحضره وأمر بضربه فضرب ضرباً شديداً مهلكاً على جميع بدنه حتى أنه ضرب على وجهه فسقطت ثناياه وأخرج لسانه فجعل فيه مسلة من الحديد وخرق أنفه ووضع فيه حبل من الشعر وشد فيه حبل آخر وآمر بأن يجر منه فيدار به أزقة الحلة فداروا به والضرب يأخذ من جوانبه حتى سقط إلى الأرض وعاين الهلاك.

وأخبر الحاكم بذلك فأمر بقتله فقال الحاضرون إنه شيخ كبير وقد حصل له ما يكفيه وهو ميت لما به فاتركه يموت حتفه أنفه ولا تتقلد بدمه وبالغوافي ذلك حتى أمر بتخليه وقد انتفخ وجهه ولسانه فنقله أهله ولم يشك أحد أنه يموت من ليلته.

فلما كان من الغد غدى عليه الناس فإذا هو قائم يصلي على أتم حالة وقد عادت ثناياه التي سقطت كما كانت واندملت جراحاته ولم يبق لها أثر والشجة قد زالت من وجهه.

فعجب الناس من حاله وسألوه عن أمر فقال: إني لما عاينت الموت ولم يبق لي لسان أسال الله تعالى به فقد كنت أسأله بقلبي، واستغثت بسيدي ومولاي صاحب الزمان (ع) فلما جن علي الليل إذا بالدار قد امتلأت نوراً وإذا بمولاي صاحب الزمان قد أمر يده الشرفة على وجهي وقال لي: اخرج وكد على عيالك فقد عافاك الله تعالى فأصبحت كما ترون.

وحكي الشيخ شمس الدين محمد بن قارون المذكور قال وأقسم بالله تعالى إن أبا راجح هذا كان ضعيفاً جداً ضعيف التركيب أصفر اللون شين الوجه مقرض اللحية وكنت دائماً أدخل الحمام الذي هو فيه وكنت دائماً أراه على هذه الحالة وهذا الشكل فلما أصبحت كنت ممن دخل عليه فرأيته وقد اشتدت قوته وانتصبت قامته وطالت لحيته واحمر وجهه وعاد كأنه ابن عشرين سنة ولم يزل على ذلك حتى أدركته الوفاة.

ولما شاع هذا الخبر وذاع طلبه الحاكم وأحضر عنده وقد كان رآه بالأمس على تلك الحالة وهو الآن على ضدها كما وصفناه ولم ير لجراحاته أثراً وثناياه قد عادت فداخل الحاكم في ذلك رعب العظيم.

وكان يجلس في مقام الإمام (ع) في الحلة ويعطي ظهره القبلة الشريفة فصار بعد ذلك يجلس ويتقلبها وعاد يتطلف بأهل الحلة ويتجاوز عن مسيئهم ويحسن إلى محسنهم ولم ينفعه ذلك بل لم يلبث في ذلك إلا قليلاً حتى مات.
Read more