حدثني السيد الجليل الشريف أبو الحسن علي بن إبراهيم العريضي العلوي الحسيني قال: حدثني علي بن نما قال حدثني أبو محمد الحسن بن علي بن حمزة الاقساني في دار الشريف علي بن جعفر بن علي المدائني العلوي
قال: كان بالكوفة شيخ قصار وكان موسوما بالزهد منخرطا في سلك السياحة متبتلا للعبادة مقتفيا للآثار الصالحة، فاتفق يوما أنني كنت بمجلس والدي وكان هذا الشيخ يحدثه وهو مقبل عليه،
قال: كنت ذات ليلة بمسجد جعفي وهو مسجد قديم وقد انتصف الليل وأنا بمفردي فيه للخلوة والعبادة، فإذا أقبل علي ثلاثة أشخاص فدخلوا المسجد فلما توسطوا صرحته جلس أحدهم ثم مسح الارض بيده يمنة ويسرة فحصحص (فخضخض) الماء ونبع فأسبغ الوضوء منه، ثم أشار إلى الشخصين الآخرين بإسباغ الوضوء فتوضئا، ثم تقدم فصلى بهما إماما فصليت معهم مؤتما به، فلما سلم وقضى صلواته بهرني حاله واستعظمت فعله من إنباع الماء، فسألت الشخص الذي كان منهما إلى يميني عن الرجل فقلت له: من هذا ؟
فقال لي: هذا صاحب الامر ولد الحسن عليه السلام، فدنوت منه وقبلت يديه وقلت له: يابن رسول الله صلى الله عليه وآله ما تقول في الشريف عمر بن حمزة هل هو على الحق؟
فقال: لا، وربما اهتدى إلا أنه ما يموت حتى يراني
فاستطرفنا هذا الحديث فمضت برهة طويلة فتوفي الشريف عمر ولم يشع أنه لقيه فلما اجتمعت بالشيخ الزاهد ابن نادية أذكرته بالحكاية التي كان ذكرها، وقلت له مثل الراد عليه: أليس كنت ذكرت أن هذا الشريف عمر لا يموت حتى يرى صاحب الامر الذي أشرت إليه فقال لي ومن أين لك أنه لم يره ؟
ثم إنني اجتمعت فيما بعد بالشريف أبي المناقب ولد الشريف عمر بن حمزة وتفاوضنا أحاديث والده فقال: إنا كنا ذات ليلة في آخر الليل عند والدي وهو في مرضه الذي مات فيه وقد سقطت قوته بواحدة، وخفت موته، والابواب مغلقة علينا، إذ دخل علينا شخص هبناه واستطرفنا دخوله، وذهلنا عن سؤاله، فجلس إلى جنب والدي وجعل يحدثه مليا ووالدي يبكي، ثم نهض
فلما غاب عن أعيننا تحامل والدي وقال: أجلسوني فأجلسناه، وفتح عينيه وقال: أين الشخص الذي كان عندي ؟ فقلنا: خرج من حيث أتى فقال: اطلبوه فذهبنا في أثره فوجدنا الابواب مغلقة ولم نجد له أثرا، فعدنا إليه فأخبرناه بحاله وإنا لم نجده، ثم إنا سألناه عنه فقال: هذا صاحب الامر، ثم عاد إلي ثقله في المرض وأغمي عليه.