نقل الحاج مؤمن (عليه الرحمة) فقال: في مطلع شبابي كان عندي شوق شديد لزيارة الحجة (عج) ولقاؤه وسلبني ذلك استقراري، إلى أن أخذت على نفسي عهداً وحرّمت على نفسي الأكل والشرب حتى أراه وألقاه (طبعاً عهدي هذا كان بسبب جهلي وشدة شوقي له)، فمر عليّ يومان وليلتان لم أتناول فيهما شيئاً، وفي الليلة الثالثة شربت قليلاً من الماء على سبيل الاضطرار، وأخذتني حالة من الغشي، فرأيت الحجة (عج) وأنا في تلك الحالة، اعترض علي وقال: لماذا تفعل هكذا وتهلك نفسك سأرسل لك طعاماً فتناوله.
وعندما استيقظت وجدت ان ثلث اليل قد مضى والمسجد الذي كنت فيه خالياً وليس فيه أحد، وسمعت طرقاً على باب المسجد، فتحت الباب فرأيت شخصاً يرتدي عباءة على رأسه بحيث لا يعرف من خلالها، فأخرج من تحت عباءته إناءاً مملوءاً بالطعام وأعطاني إياه وقال لي مرتين: كله أنت ولا تعطه لأحد، واترك الإناء عند الفراغ منه تحت المنبر. قال ذلك وذهب.
دخلت المسجد فرأيت في الإناء رزاً مطبوخاً مع دجاج مشوي فتناولت الطعام ونلت منه لذه لا توصف.
وفي الغد قبل الغروب جاءني ((الميرزا محمد باقر)) الذي كان من الاخيار والأبرار في ذلك الوقت وطالبني بالإناء، ثم ناولني كيساً فيه مقدار من المال وقال: أمرك بالسفر ((أي الحجة (عج) )) فخذ هذا المال وسافر به إلى مشهد المقدسة برفقة السيد هاشم (إمام المسجد) وستلتقي في الطريق بشخص كبير وتنال منه الفائدة.
فانطلقت برفقة السيد هاشم من طهران، وعندما خرجنا من طهران أشار رجل عجوز نيّر الضمير الينا فتوقفت السيارة وبعد أخذ الإجازة من السيد هاشم (فقد كان حجز السيارة لنا فقط) استقل الرجل العجوز السيارة وجلس إلى جانبي.
وفي الطريق علمني الكثير من الأعمال والتوسلات والأذكار، وأخبرني بما يجري لي حتى آخر عمري ودلني على ما فيه خيري منها، وقد حصل معي كل ما أخبرني به، ونهاني عن تناول طعام المطاعم والمقاهي وقال لي: لقمة الشبهة مضرة للقلب، وكان معه سفرة كلما حل وقت الطعام أخرج منها خبزاً طازجاً وأعطاني، وفي بعض الأحيان زبيباً أخضر.
وعندما وصلنا إلى قرية مسماة بموضع ((قدم گاه)) قال لي:
قرب أجلي ولن أصل إلى مشهد المقدسة، وكفني معي ويوجد معي 12 توماناً فهيّء لي قبراً بذلك المبلغ وليتولّ السيد هاشم أمر تجهيزي.
قال الحاج مؤمن: أحسست بالوحشة واضطربت.
فقال لي: اهدأ ولا تُحدّث أحداً بذلك قبل أن أموت وارض بما اراد الله.
وعندما وصلنا إلى ((جبل طرق)) (كان يقع في طريق الزوار سابقاً) توقفت السيارة وترجّل ركابها وانشغلوا بالسلام على الإمام الرضا (ع) وذهب مساعد السائق طالباً قبة المقام، هناك رأيت العجوز المحترم ذهب إلى زاوية واستقبل بوجهة القبر المطهر للإمام الرضا (ع) وسلم عليه وبكى كثيراً وقال: لم أكن أهلاً للاقتراب من قبرك أكثر من هذا. ثم توجه إلى القبلة وتمدد وغطى نفسه بعباءته حتى رأسه.
بعد هنيهة توجهت إليه ورفعت العباءة عنه فوجدته قد خرج من الدنيا، فنحت وبكيت عليه وسمع الركاب ذلك فاجتمعوا فذكرت لهم بعضاً مما رأيته منه فانقلب الجميع باكين وحملنا جنازته بنفس السيارة ودفنّه في الصحن المقدس.