حضرة الشيخ ((محمد باقر شيخ الإسلام)) قال: عندما كان المرحوم الحاج ((قوام الملك)) مشغولاً ببناء مبنى الحسينية سلّم رخام المبنى لسيد حجّار كان أستاذاً لحجّاري شيراز آنذاك واتفق معه على أُسلوب المقاطعة (أي تعيين الاُجور على العمل كله مهما كانت كلفته) وقد تحمل السيد الحجّار خسارة كبيرة في هذا المشروع حيث انه أصبح مقروضاً بمبلغ (300 توماناً) وكان آنذاك يعد مبلغاً ضخماً، وكان بسببه دائم الإضطراب والقلق.
وفي ليلة الجمعة صلى صلاة جعفر الطيار وتوسل إلى أمير المؤمنين (ع) ليشفع له عند الله لكشف غمه وحل مشكلته، وكرر عمله هذا في ليلتي الجمعة الثانية والثالثة. وفي الثالثة رأى أمير المؤمنين (ع) في رؤياه يقول له: إذهب غداً إلى الحاج ((قوام)) فقد حولنا المبلغ عليه.
وعندما استيقظ حار في أمره وقال كيف أذهب إلى الحاج ((قوام)) وأكلمه وليس عندي دليل على كلامي فلعله يكذبني.
ثم وبعد تفكير وتحير جمع أمره وذهب إلى الحسينية وجلس في زاوية منها مهموماً مغموماُُ وبينما هو كذلك وإذ بالحاج ((قوام)) قد حضر ومعه خدم الحسينية وجمع من أصدقائه، ولم يكن حضوره في مثل هذا الوقت متوقعاً، واقترب ((قوام)) حتى وقف أمام السيد الحجّار وقال له: لي معك حاجة فهيا بنا إلى المنزل.
وبعد ان عاد الحاج ((قوام)) إلى منزله لحق به ((السيد)) الحجّار فاستقبله مرافقو الحاج وأدخلوه عليه باحترام تام، ولما دخل وسلم عليه قام ((الحاج قوام)) مباشرة ودون سؤاله عن حاله بتسليم ثلاثة أكياس في كل منها مائة تومان وقال له: إقضِ دينك بهذه. ولم يعقب بشيء.
***
نستفيد من هذه القصة إلى أي حد كان الأغنياء السابقون ذا صدق وإخلاص في عمل الخير إلى الحد الذي نالوا معه الإهتمام والعناية من أئمة الدين وكانوا يصحبونهم في دربهم، بينما اليوم نرى أن معظم الأغنياء غالباً ما يشغلون أفكارهم بزيادة ثروتهم ويحرمهم ذلك التوفيق لصرف بعض ثروتهم في الأمور الخيرية، كما أنهم إذا وفقوا لصرف القليل من أملاكهم في عمل الخير فيحرمون من الصدق والإخلاص في ذلك وينتظرون من عملهم مدح الناس وشكر الآخرين، وبما ان عملهم هذا غير خالص لله فلن يبقى لهم منه شيء.
وقد تناولنا البحث حول الرياء في أعمال الخير والذي يسبب بطلان العمل في كتاب ((الكبائر)) وبشكل مفصل. وأسال الله أن يوفق أغنياءنا للحصول على نتيجة ادخارهم وأن ينالوا شيئاً مما جمعوا. فالمال الذي يستحق الحمل والتعب هو المال الصالح الذي يزيد في ذخيرة الآخرة.