كانت لإحدى النساء ابنةٌ فتيّةٌ وجميلة ، تنافس على الزواج منها رجلان وكلٌّ منهما طلبها من أمها لنفسه ، وهو يرغب في زواجها ويريدها زوجة له مهما كان الثمن ، فقالت المرأة : لا أزوج ابنتي إلا للذي يستطيع أن يجلس على مجرى الدخان ويصمد فترة أكثر من رفيقه الآخر , فوافق الاثنان على هذا الطلب ، واتفقوا على يومٍ معيّن يجلسان فيه على مجرى الدخان ، وعندما جاء ذلك اليوم توجّه الرجلان إلى بيت المرأة ، فأشعلت ناراً من القشّ وزبل المواشي وخرج منها دخانٌ كثيف , وجلس الرجلان على مجرى الدخان ، فأصبح الأول يميل برأسه يمنة ويسرة فترة قصيرة ، ثم لم يستطع التحمّل ، فنهض من عندها وقال لها : لا أريد ابنتك , ولا أريد أن أرى وجهك بعد اليوم ، ثم تركها وسار في حال سبيله .
وجلس الرجل الثاني على مجرى الدخان فسالت دموعه ولكنه صبر , وسال مخاطه ولكنه كان يتحمّل حتى أصبحت عيناه كالجمر ، وأخيراً قالت له المرأة : كفاك يا رجل .. كفاك يا رجل .
فقام الرجل وعاد إلى بيته وعيناه كالجمر ودموعه تسيل بغزارة على خدّيه ، ولكنه كان يُمَنِّي نفسه بالزواج من تلك الفتاة الجميلة .
وفي اليوم التالي بعثت إليهما وقالت للذي تحمّل الدخان وصبر عليه أنا لا أزوج ابنتي للذي يصبر على الضيم ( أي على الذل والمهانة ) فعُد إلى بيتك فهي ليست من نصيبك ولن أزوجها لك .
وقالت للأول أما أنت فلأنك لم تصبر على الضيم ، ولم تصبر على تحمّل الأذى فقد زوجتك ابنتي ، لأنها لن تضام عندك وهي من نصيبك إن شاء الله ، وهكذا تزوّج الرجل الذي لم يصبر على الضيم أما الرجل الثاني فعاد يجر أذيال الهزيمة .