Ads 468x60px

الأربعاء، 5 يونيو 2013

توفيق التوبة بسبب الرفق بالحيوان

توفيق التوبة بسبب الرفق بالحيوان
نقل "الميرزا أبو القاسم" عن "اعتماد الواعظين الطهراني" أنه قال: في أحد الأعوام كان يصعب الحصول على الخبز في طهران فمرّ "المير غضب باشي" على طاق مخزن الماء فسمع صوت إستغاثة كلاب، فتحقق من الأمر فرأى كلبة وضعت حملها والتصق أولادها بها وهي خاوية من الجوع لا تستطيع إرضاعهم وليس عندها حليب لإرضاعهم وهم حولها يستغيثون.

فتأثر من ذلك، فاشترى من الخباز مقداراً من الخبز وقدمه للكلبة ووقف هناك حتى أكلت الكلبة الخبز ودرّ حليبها وشرع أولادها بالرضاعة.

عاد إلى الخباز ودفع له ثمن خبز شهر كامل يكفي لاطعام الكلبة وطلب منه إرسال عامله كل يوم لايصال الخبز إلى الكلبة، وهدده بالانتقام منه إذا انقطع حتى يوم واحد.

آنذاك كان هو ورفاقه يقيمون حفلات ضيافة متناوبة بينهم وفي كل يوم يذهبون للنزهة واللهو، ثم يتناولون العشاء سوّياً في منزل أحدهم، الى أن وصله دور استضافة رفاقه، وكان عنده امرأة بيتها في وسط مدينة طهران ومجهز بمستلزمات الضيافة، وكان قد تزوج زوجه أخرى حديثاً وأسكنها في بيت عند مدخل المدينة.

أعطى زوجته القديمة مقداراً من المال وقال لها: هذه الليلة يأتي كذا عدد من الضيوف لتناول العشاء وعليك تأمين كل مستلزمات ذلك، فقبلت زوجته بذلك، وخرج الزوج مع رفاقة الى خارج المدينة للنزهة واللهو.

صدفة طالت نزهة ذلك اليوم واستمرت الى بعض الليل، وعندما عادوا من نزهتهم قالوا له: لقد تأخر الوقت وتعبنا كثيراً فلنسترح في بيتك عند مدخل المدينة.

فقال لهم: لا يوجد في هذا البيت شيء لتناوله أما في البيت الآخر فكل شيء جاهز لاستضافتكم وعلينا الذهاب الى هناك.

لم يوافقه رفاقه على ذلك

وأصروا على المبيت في بيته الجديد والقناعة بأقل الطعام الموجود.

اضطر للقبول ما أرادوا واشترى شيئاً من الخبز واللحم المشوي وتناولوا عشاءهم هناك وباتوا ليلهم.

وفي سحر تلك الليلة استفاق الجميع على صوت استغاثته وبكائة الّلارادي فسألوه عن سبب ذلك، فقال: رأيت في منامي الامام السجاد (ع) وقال لي: "احسانك لتلك الكلاب كان محلاً لرضى الله سبحانه ولذلك حفظك الله ورفاقك من الموت هذه الليلة مقابل احسانك ذاك، حيث ان زوجتك القديمة غاضبة منك وقد أعدت لك سمّاً ووضعته في المكان الفلاني من المطبخ لتدسّه في طعامك، اذهب غداً وخذ السم واياك أن تؤذيها، وان شئت خلّ سبيلها بخير.

ثم ان الله يوفقك للتوبة، وستتشرف بزيارة قبر والدي الحسين (ع) بعد أربعين يوماً".

وفي الصباح قال لرفاقه لنذهب سوياً إلى بيتي وسط المدينة للتحقق من صدق رؤياي فذهبوا سوياً إلى البيت، وعندما دخلوا اعترضت عليه زوجته وسألته: لِم لم تأتِ في الليل؟ فلم يعتنِ بها ودخل مع رفاقه إلى المطبخ وحيثما قال له الإمام السجاد (ع) وجد السم فأخذه وقال لزوجته: ماذا كنت تنوين فعله لنا؟ لولا أمر الإمام لانتقمت منك: كني سأحسن إليك بأمر مولاي فاذا كنت ترغبين الى البقاء في البيت نفسه فابقي فيه وسأبقى معك كأنك لم تفعلي شيئاً، وإذا كنت ترغبين الى الفراق أطلقك، وأي شيء تريدين اُعطيك.

رات المرأة ان أمرها قد فضح ولا يمكنها العيش معه مجدداً فطلبت منه الطلاق. فطلقها بإحسان وسرّها وتركها.

ثم استقال من عمله وقبلت استقالته، فانشغل بالتوبة وأداء الحقوق والمظالم التي عليه، وبعد أربعين يوماً تشرف بزيارة كربلاء وبقي فيها حتى وافاه الأجل والتحق برحمة الحق تعالى.

***

الكثير من الروايات تضمنت ذكرا لآثار الإحسان إلى المخلوقات حتى وإن كان ذلك الحيوان كلباً، حتى يصبح ذلك الإحسان في بعض الأحيان سبباً لحسن العاقبة والمغفرة الإلهية.

والشواهد على ذلك كثيرة من جملتها ما جاء في المجلد الرابع عشر من كتاب "بحار الأنوار" نقلاً عن كتاب "حياة الحيوان" للدميري عن رسول الله (ص) انه قال: إمرأة كانت تسير في الصحراء وكانت شديدة العطش إلى ان وصلت إلى بئر وكان في قعره ماء، فنزلت إلى قعره وشربت الماء حتى ارتوت، ثم لما خرجت منه وجدت كلباً يلتهم الرمال الرطبة لشدة عطشه، فقالت في نفسها هذا الكلب المسكين عطشان مثلي، ورق قلبها له فادت إلى الماء بمشقة حتى وصلته فملأت حذاءها بالماء وأمسكت به بأسنانها وصعدت من البئر وروت الكلب. فتقبل الله منها هذا العمل وغفر لها.

قالوا يا رسول الله: وهل من أجر لنا في إحساننا للحيوانات؟

قال: نعم في كل كبد حرّى برطبة أجر.

ونقل في نفس الكتاب أنّ رسول الله (ص) قال: ليلة المعراج دخلت الجنة فرأيت صاحب الكلب الذي أرواه من الماء.

إذا كان الأحسان للحيوان عند الضرورة موجباً للعفو والمغفرة وحسن العاقبة فكيف بالإحسان وإغاثة الإنسان وخاصة المؤمن.

يمكنك مراجعة كتاب "الكلمة الطيبة" للشيخ النوري فقد نقل فيه روايات وقصص في هذا المجال.