في عام 1246هـ حلَّ بالنجف الأشرف مرض الطاعون الشديد، ففتك بأربعين ألف شخص تقريباً، وهرب من استطاع الهرب ما عدا "السيد محمد باقر القزويني" الَّـذي كـان قـد رأى في مـنامـه قـبل حلول المرض أمير المؤمنين (ع) يخبره به ويقول له: بك سيختم يا ولدي. أي انه ستكون آخر من يفتك به الطاعون، وبالفعل هكذا كان فقد انتهى الطاعون بوفاة السيد منه.
وكان السيد يقضي طوال يومه في هذه المدة في الصحن الشريف مشغولاً بالصلاة على أموات الطاعون، وكلف جمعاً بجمع الجنائز بعد تغسيل الأموات وتكفينهم والإتيان بهم إلى الصحن ليصلي عليهم وكلف آخرين بدفنهم، وبينما هو كذلك إذ أتى عجوز أعجمي من الأخيار المجاورين للنجف الأشرف ونظر إلى السيد وبكى وكأنه يروم منه حاجة ولا تصل يده إليه، فلما رآه السيد قال لي سله عن حاجته، فسألته فقال: إذا حلّ أجلي في هذه الايام فأمنيتي أن يصلي عليَّ السيد بانفراد (فقد كان السيد يصلي على عدة جنائز سوياً لكثرتها) فنقلت حاجته للسيد فوعده بذلك.
وفي اليوم التالي أتى شاب وهو يبكي وقال: أنا إبن ذلك العجوز وقد حلَّ به الطاعون اليوم وأرسلني ليزوره جناب السيد.
همَّ السيد بالرحيل إليه وكلف السيد العاملي بالنيابة عنه للصلاة على الجنائز، وذهب لعيادة الرجل وذهب معه جمع، وفي الطريق خرج رجل صالح من بيته، ولما رأى السيد والجمع معه سألني إلى أين يذهبون؟ فقلت لعيادة فلان، فقال أذهب معكم لأثاب عن عيادته.
ما ان دخل السيد على المريض حتى سرَّ المريض كثيراً وأظهر محبته ومسرته لمن حضروا مع السيد لعيادته، وعندما وصل دور ذلك الرجل الصالح الَّذي التحق بنا فسلَّم عليه حتى تغيَّر شكل المريض وأخذ يشير إليه بيده ورأسه أن أخرج، وأشار إلى إبنه أن اخرجه من هنا، فتعجب الحاضرون وتحيَّروا لأنه لم يكن بينهم معرفة سابقة.
خرج الرجل وبعد مدة عاد، هذه المرة نظر إليه المريض وتبسَّم وأظهر رضاه ومسرته منه. وعندما خرجنا جميعاً سألت الرجل عن ذلك فقال: كنت جنباً فخرجت من بيتي قاصداً الحمام فرأيتكم فقلت أذهب معكم ثم أعود إلى الحمام، وعندما دخلت على الرجل ورأيت تنفره منِّي علمت أن ذلك من أثر جنابتي، فخرجت واغتسلت وعدت، ورأيتم كيف أحبني وسرَّ منِّي.
* * *
صاحب كتاب مستدرك الوسائل بعد نقله القصة العجيبة هذه قال: في هذه القصة تصديق وجداني لما ورد في الشرع المقدس من الأسرار الغيبية من كراهية دخول الجنب والحائض على المحتضر.
وكان السيد يقضي طوال يومه في هذه المدة في الصحن الشريف مشغولاً بالصلاة على أموات الطاعون، وكلف جمعاً بجمع الجنائز بعد تغسيل الأموات وتكفينهم والإتيان بهم إلى الصحن ليصلي عليهم وكلف آخرين بدفنهم، وبينما هو كذلك إذ أتى عجوز أعجمي من الأخيار المجاورين للنجف الأشرف ونظر إلى السيد وبكى وكأنه يروم منه حاجة ولا تصل يده إليه، فلما رآه السيد قال لي سله عن حاجته، فسألته فقال: إذا حلّ أجلي في هذه الايام فأمنيتي أن يصلي عليَّ السيد بانفراد (فقد كان السيد يصلي على عدة جنائز سوياً لكثرتها) فنقلت حاجته للسيد فوعده بذلك.
وفي اليوم التالي أتى شاب وهو يبكي وقال: أنا إبن ذلك العجوز وقد حلَّ به الطاعون اليوم وأرسلني ليزوره جناب السيد.
همَّ السيد بالرحيل إليه وكلف السيد العاملي بالنيابة عنه للصلاة على الجنائز، وذهب لعيادة الرجل وذهب معه جمع، وفي الطريق خرج رجل صالح من بيته، ولما رأى السيد والجمع معه سألني إلى أين يذهبون؟ فقلت لعيادة فلان، فقال أذهب معكم لأثاب عن عيادته.
ما ان دخل السيد على المريض حتى سرَّ المريض كثيراً وأظهر محبته ومسرته لمن حضروا مع السيد لعيادته، وعندما وصل دور ذلك الرجل الصالح الَّذي التحق بنا فسلَّم عليه حتى تغيَّر شكل المريض وأخذ يشير إليه بيده ورأسه أن أخرج، وأشار إلى إبنه أن اخرجه من هنا، فتعجب الحاضرون وتحيَّروا لأنه لم يكن بينهم معرفة سابقة.
خرج الرجل وبعد مدة عاد، هذه المرة نظر إليه المريض وتبسَّم وأظهر رضاه ومسرته منه. وعندما خرجنا جميعاً سألت الرجل عن ذلك فقال: كنت جنباً فخرجت من بيتي قاصداً الحمام فرأيتكم فقلت أذهب معكم ثم أعود إلى الحمام، وعندما دخلت على الرجل ورأيت تنفره منِّي علمت أن ذلك من أثر جنابتي، فخرجت واغتسلت وعدت، ورأيتم كيف أحبني وسرَّ منِّي.
* * *
صاحب كتاب مستدرك الوسائل بعد نقله القصة العجيبة هذه قال: في هذه القصة تصديق وجداني لما ورد في الشرع المقدس من الأسرار الغيبية من كراهية دخول الجنب والحائض على المحتضر.