أعرف اثنين من أهل العلم، كلاهما توفيا (رحمهما الله) وكان أحدهما متقدماً على زميله في كثير من المجالات والمستوى العلمي والذكاء والأساتذة و... إلا إلان زميله كان أكثر تأثيرا في المجتمع بمراتب كثيرة.
أذكر نموذجين من عملهما:-
كان الأول أي المتفوق علمياً، في أحد الأيام جالساً في إحدى المشاهد المقدسة منشغلا بقراءة الزيارة أو الدعاء، وكان المكان مزدحما بالزوار، فجاءه شخص من عامة الناس وبيده مصحف وطلب منه أن يستخير الله تعالى له, ولم يكن يحب أن يقطع أحد عليه خلوته ودعائه, فأشار إلى الشخص أن يذهب إلى غيره، ولكن الشخص لم ينته فتصور أن العالم لم يلتفت إليه فتقدم إليه بالمصحف مقتربا منه قليلا وأعاد طلبه، ومرة أخرى أشار له العالم بالذهاب إلى غيره ولم يلتفت الرجل أيضا، لأنه من عنده مشكلة لا يلتفت بالاشارة وما أشبه عادة فاقترب أكثر وكرر طلبه, فغضب العالم ولكنه لم يكلم الرجل، لأنه رأى أن الوقت الذي ستستغرقه الاستخارة ربما يكون أقل، وعندما أخذ منه المصحف رآه مقلوباً، هنا لم يتمالك نفسه فشرع يصرع في وجه الرجل قائلا: لقد شغلتني عن قراءتي وقطعتنى عن توجهي، وما أشبه من هذه الكلمات, ولكن ذلك الرجل كان غارقا في همومه غير ملتفت إلى الموضوع أصلا، فعجب منه وانصرف.
أما ذلك العالم الاخر, اي زميل هذا العالم فطالما رأيته فى حر الظهيرة, والعرق يتحدر على وجهه، إذ يقبل عليه شخص، فيطلب منه سؤالا أو استخارة، وأحيانا يكون السائل صبيا أو طفلاً صغيراً فكان -رحمه الله- يجيبه وهو فى مكانه ولا يطلب منه التحول إلى الظل رغم أنه لم يكن يبعد منه أكثر من مترين!.