الثلاثاء، 21 مايو 2013

قصة أعجب لحافظ القران "كربلائي محمد كاظم كريمي الساروقي"

قصة أعجب لحافظ القران "كربلائي محمد كاظم كريمي الساروقي"

قبل 15 عاماً سمعت من جمع من علماء قم والنجف الأشرف أن رجلاً في السبعين من عمره واسمه ((كربلائي محمد كاظم كريمي الساروقي)) كان أمياً فأصبح حافظاً للقرآن بشكل عجيب وقصته كما يلى:

ذهب ((الساروقي)) عصر يوم الخميس لزيارة أحد أولاد أهل بيت النبي (ص) المدفون في منطقته، وعند دخوله رأي سيدين جليلين في المقام يطلبان من أن يقرأ الآيات المنقوشة على أطراف المقام.

فيقول لهما: سادتي إني أمي ولا استطيع قراءة القرآن.

فقالوا له: بل تستطيع ذلك.

بعد سماع هذا الكلام اصابته حالة اغماء وغاب عن وعيه وسقط في مكانه وبقي هكذا حتى عصر اليوم الثاني عندما حضر أهالي القرية لزيارة المقام فوجدوه مطروحاً، فعمدوا لايقاظه، وعندما استيقظ ووقف نظر إلى الآيات المنقوشة حول المقام فوجد انها آيات سورة الجمعة قرأها، ثم علم فيما بعد انه أصبح حافظاً للقرآن، وكان كلما طلب منه قراءة أيّة سورة من القرآن كان يقرأها عن ظهر الغيب وبشكل صحيح.

***
وسمعت من حفيد الميرزا الشيرازي قوله: لقد امتحنته عدة مرات وكنت كلما سألته عن آية كان يجبني فوراً من أيّة سورة هي، واعجب من ذلك انه كان يستطيع قراءة أيّة سورة شاء عكس ترتيبها أي من نهايتها إلى أولها.

وقال أيضاً: كان كتاب تفسير الصافي في يدي ففتحته وقلت له: هذا قرآن فاقرأ فيه.

أخذ الكتاب ونظر فيه وقال هذه الصفحة ليست كلها من القرآن، ووضع يده على مقاطع الآيات القرآنية وقال هذا السطر من القرآن ونصف ذلك السطر من القرآن، وهكذا وما تبقى ليس من القرآن.

فقلت له: كيف تقول ذلك وانت أمي لا تعرف القراءة العربية ولا الفارسية.

قال: كلام الله نور، فهذه الأقسام نورانية والأقسام الأخرى مظلمة (نسبة إلى نور القرآن).

وقد التقيت بعدة علماء آخرين جميعهم قال انه امتحنه وانهم استيقنوا من ان أمره خارق للعادة وانه افيض عليه بذلك من مبدء الفيض جلّ وعلا.

وفي مجلة نور العلم السنوية لعام 1957 في الصفحة 223 نشرت صورة ((الساروقي)) المذكور مع مقالة بعنوان ((نموذج من الاشراقات الربانية)) وذكرت في المقالة شهادات لكبار العلماء يؤكدون فيها أن أمره خارق للعادة إلى ان تقول المقالة: من مجموع الشهادات هذه فإن موهبة حفظه للقرآن تثبت بدليلين:

أ ـ كونه أُميّاً وهذا ما شهد به جميع أهالي القرية، ولم يشهد أحد منهم خلاف ذلك، حيث قام كاتب المقال باستجواب جميع أهل قريته الساكنين في مدينة طهران، وكذلك فإن خبر أميته ذكر في جميع الصحف المتداولة دون أن يكذبه أحد.

ب ـ بعض خصوصيات حفظه للقرآن الخارجة عن مستوى الدراسة والتحصيل وهي:

1ـ كلما ذكرت أمامه كلمة عربية أو غير عربية يجيب فوراً انها من القرآن أو ليست منه.

2ـ كلما سئل عن أيّة كلمة قرآنية يجيب فوراً من أيّة سورة هي ومن أي جزء من القرآن هي.

3ـ كلما ذكرت أمامه كلمة قرآنية موجودة في عدة اماكن من القرآن كان يعدد أماكن وجودها ويكمل ما بعدها بشكل فوري ودون أي تفكير أو تردد.

4ـ كلما ذكرت أمامه آية أو كلمة أو حركة خاطئة أو زيادة أو نقصان كان يلتفت مباشرة ويخبر بذلك.

5ـ كلما ذكرت أمامه عدة كلمات من عدة سور كان يبين مكان أيّة كلمة دون أي خطأ.

6ـ كان يشير إلى مكان أية كلمة أو آية تطلب منه في أي قرآن يقدم إليه.

7ـ كلما عرضت عليه صفحة من الكتابة العربية أو غير العربية وقد جاء فيها ذكر لآية وكان خطها مطابقاً لخط باقي بالكلمات كان يميز الآية من باقي كلمات الصفحة ، وهذا الأمر صعب حتى على أهل العلم والفضيلة.

هذه الخصوصيات لا يمكن لأشد الناس ذاكرة أن يجمعها لكتيب يتألف من عشرين صفحة، فكيف ذلك مع 6666 آية قرآنية ؟

وبعد نقل المجلة لشهادات جمع من العلماء كتبت تقول: إن الموهبة القرآنية ((للكربلائي)) تعد أمراً عجيباً بالنسبة للناس الذين أطَّروا فكرهم اللامحدود باطار الماديات المحدودة وأنكروا ما وراء الطبيعة، وكان ما حصل له سبباً في هداية العديد من الضالين، لكن هذا الأمر رغم اهميته لا يعد في نظر أهل التوحيد سوى اشعاع صغير من اشعة الفيض الإلهي الامتناهي، ومن أقل مظاهر قدرة الحق تبارك وتعالى، وما ظهر مكرراً على أيدي الأنبياء والسفراء مما سجله التاريخ من الأمور الخارقة للعادة، بل ما يظهر في عصرنا الحاضر أيضاً من أصحاب الكرامات التي تظهر منهم بسبب ارتباطهم وتعقلهم بالله سبحانه مُبدىء كل شيء هي أمور أهم وتعادل أضعاف ما حدث لحافظ القرآن هذا.

الحقيقة التي لا بد لي من ذكرها في ختام هذه المقالة هي أنه نتيجة لانتشار خبر حافظ القرآن هذا واطلاع أهالي طهران على قصته، سمعت من عدة متدينين في السوق انه قبل عدة سنوات كان هناك رجل أعمى يسمى ((بالحاج عبود)) وكان يتردد على مسجد ((عزيز الله)) بسوق طهران المركزية، وكان حافظاً للقرآن بنفس خصوصيات ((الكربلائي الساروقي)) وكان رغم عماه يدل على مكان وجود الآيات القرآنية، وكان يستخير للناس بالقرآن.

قالوا: انه في أحد الأيام قدم له قاموس لغة فرنسي بحجم القرآن ليستخير به، فرماه فوراً وثارت عصبيته وقال لي: ليس بقرآن.

وفي مجلس كان يحضره حافظ القرآن أيّد استاذ الجامعة ((ابن الدين)) خصوصيات الحاج عبود.

وقال: الرجل المذكور التقيته في منزل ((الشيخ مصباح)) في قم وبحضور آية الله ((الشيخ عبد الكريم الحائري)) وامتحنته.

هذه الأمور هي من آثار قدرة الباري عز وجل يظهرها في بعض الأحيان من أجل ارشاد الناس واتمام الحجة الظاهرة عليهم ﴿... ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسعٌ عليمُ﴾[2] وكتب العالم المحترم ((الشيخ صدر الدين المحلاتي)) مقالة في العدد 1847 من صحيفة ((بارس)) في شيراز عام 1957 هذه القصة بعد تعليقه عليها وفيما يلي انقل لكم مقتطفات منها:

هذا الرجل المسمى ((بالكربلائي محمد كاظم كريمي الساروقي)) عمره سبعون عاماً تقريباً وابوه اسمه عبد الواحد، ويعمل راعياً، وكان أمياً ومن العامة ولا يستطيع القراءة ولا الكتابة لكنه أصبح حافظاً للقرآن في حادثة عجيبة أنقلها لكم تباعاً، ومطلعاً على اعرابه وبنائه بشكل تام، هذا الشخص يعرف عدد آيات جميع سور القرآن، والعجيب انه ما أن يقرأ آية تكرر ذكرها في القرآن حتى يخبر دون تفكير أو تردّد عدد تكرارها في أيّة سورة واماكنها في السورة، والأعجب من ذلك انه إذا طلب منه البحث عن آية ما فإنه يجدها فوراً في أي قرآن وأيّة طبعة قدمت إليه ويشير اليها.


هذا الرجل لعدم تظاهره واظهاره لأمره لم يكن يطلع على أمره الكثيرون وكان مجهولاً عنه ذلك، ومشغولاً بالرعي، لكن ((آية الله زاده المازندراني)) والد البروفسور ((دانا الحائري)) اطلع على أمره وعندما علم أنه قدم الى قم للمعالجة من مرض، قام بدعوته إلى طهران بحجة تقديمه لطبيبه ومساعدته.

وكان مجلس ((آية الله زاده المازندراني)) ينعقد أيام الجمعة حتى الظهر ويحضره جمع غفير من اصدقائه ومريديه من طبقات مختلفة، فأحضر ((الساروقي)) إلى مجلسه ويتحدث عن الفن والموهبة الإلهية التي منَّ بها الله على ((الكربائي الساروقي)) فيختبره جمع منهم ويقدمون له قرائين بطبعات مختلفة بل وحتى قرائين خطية صغيرة وكبيرة وقرائين الجيب ويشرع ((الكربلائي)) بقراءة آيات مختلفة من سور مختلفة في قرائين مختلفة، وسألونه عدة اسئلة للإختبار كأن يسألوه ((لعلكم تفلحون)) في أيّة سورة وفي أيّة آية ؟

وكان يجيبهم دون تفكير أو تردد انها في آخر الآيات الفلانية وعدد تكرارها، وكان بعض الحاضرين يتعمَّد التغيير في اعراب وبناء الآيات فكان يصحح لهم، وأية آية يسأل عنها كان يستخرجها من أي قرآن يقدم أليه دون أي تردد.

في ذلك اليوم حتى الأشخاص الذين كانوا ينكرون الأمور الخارقة للعادة والطبيعة امتحنوه بعدة أساليب وعجبوا من أمره.

وقد امتحنته أنا بمختلف انواع واقسام الإمتحانات والإختبارات، فقرأت له الآيات خطأ وكان يعترض ويصحح، سألته عن تعداد الجمل المكررة في السورة فأجابني على الفور، احضرت له عدة قرائين بطبعات مختلفة وسألته عن آيات في أواسط وأوائل وأواخر القرآن وكان يفتح عليها مباشرة ويدل عليها حتى كان لي عبرة، فأخذته إلى المصور وصورته، وعرضته على عدة أشخاص ليختبروه وتحيروا مما وجدوا فيه. حيث انه وإن وجد الكثيرون من حفاظ القرأن الكريم لكنهم ليسوا بهذا النحو دون تفكر وتأمل يخبرون بترتيب الآية وفي أيّة سورة وعدد تكرارها في السور، والعثور فوراً على أيّة آية أرادوا، وكل ذلك من رجل عامي أمي.

كيف حصل على هذه الموهبة:

عندما رأيت وضعه هذا ورأيت انه غير ملتفت لأهمية الموهبة التي منّ الله بها عليه، ولعله لأنه أمي كان يعتقد ان كل من يقرأ القرآن مثله، لذا طلبت منه أن يروى لي قصته فقال لي: قبل عدة سنوات كنت في القرية التي أرعى فيها سمعت واعظا يقول في موعظته انّ الصلاة في ملك الشخص الذي لا يؤدي الزكاة باطلة، تأثرت من كلامة لأني كنت أعلم أن صاحب القرية التي ارعى فيها لا يدفع الزكاة، لذا قلت لوالدي لا يمنني البقاء هنا لأني أصلي وكل صلاتي باطلة ولا بد لي من مغادرة هذه القرية.

وأصر عليّ والدي بالبقاء وقال لي من اين تعلم انه لا يدفع الزكاة، لكني كنت قاطعاً وعالماً بأن صاحب الملك لا يعتني بدفع الزكاة فلم اعتن باصرار والدي، فغادرت القرية مكرهاً ومجبراً ورضيت بالعمل في الطريق بين قم واراك لتأمين معيشتي، وكنت اتقاضي يومياً ((30 شاهياً))[3] بدل أجوري واعيش بهذا المبلغ، قضيت ثلاثة أعوام على هذا الحال.

وفي أحد الأيام أرسل إلي مالك القرية التي كنت فيها شخصاً وقال انه أصبح يدفع الزكاة فعد للعمل في أملاكه، وإذا كنت لا تريد العمل عنده في الرعي أعطاك أرضاً تزرعها لنفسك. فتحققت من دفعه للزكاة وعدت إلى ملكه، فأعطاني أرضاً وبذراً وحملاً من القمح، فبذرت ثلث القمح وتركت ثلثاً لطعامي ووزعت الثلث الآخر على فقراء القرية وأرحامي.

بارك الله لي في زراعتي وانتجبت 10 أحمال من القمح وفعلت كما في السابق: قسم للزراعة وقسم لي والباقي وزعته على فقراء القرية.

وفي أحد الأيام كنت قد حصدت السنابل وجمعتها لأذروها فخرجت من المنزل إلى المزرعة ولكن كان الهواء ساكناً ولم أستطع ذرو القمح لاستخلاصه فعدت بيد خالية إلى المنزل وفي الطريق التقيت بأحد الفقراء الذي كان ينال سهماً من محصولي سنوياً وقال لي: ليس عندنا لهذه الليلة قمحّ، وزوجتي وابني ليس عندهما خبز يأكلانه. فخجلت أن أقول له ما وقع لي اليوم وقلت له: على عيني، وعدت إلى محصولي لكن دون جدوى فالهواء ساكن فاضطررت أن أفصل حبوب القمح عن سنابلها بيدي واذروها في الهواء وبعد مشقة استطعت تأمين مقدار من القمح اخذته إلى بيت ذلك الشخص وأعطيته إياه، وبما اني كنت متعباً فقد جلست في الساحة المقابلة لمقام قبرين من أولاد أهل بيت الرسول عليهم السلام اسمهما باقر وجعفر.

فناداني أحد هذين السيدين أن: يا كربلائي محمد كاظم ماذا تفعل هنا؟.

قلت: متعب واطلب الراحة.

قال: تعال َ لنقرأ الفاتحة.

قبلت بذلك وسرت خلفهما إلى داخل المقام فشرعا بقراءة بعض الاُمور التي لم أفهمها وأنا واقف خلفهما وساكت.

فقال لي أحدهما: لم لا تقرأ يا كربلائي؟

قلت: سيدي إنني أميّ ولا أستطيع قراءة شيء.

وبقيت استمع وهما يقرآن الفاتحة علىٰ القبر الأول، ثم توجها الى القبر الثاني، وأنا خلفهما، فشرعا بقراءة شيء لم أفهمه، وفي هذه الأثناء وقع نظري على سقف المقام فرأيت في أطرفا المقام نقوشاً وكتابات لم يكن لها أثر من قبل فتحيّرت، فتقدم إليّ أحد السيدين وقال لي: لم لا تقرأ؟

قلت: سيدي إني أُمي.

فوضع يده على كتفي وهزّني بقوة وقال لي: إقرأ لم لا تقرأ؟ وكرر هذه الجملة واقترب السيد الآخر منّي وربت بيده برقَّة على كتفي وقال لي: إقرأ فانت تستطيع القراءة وكرّرها فأصابني ضغط نفسي وسقطت على الأرض وغبت عن الوعي ولم أدر ماذا حصل، وعندما استيقظت لم أر أثراً للنقوش والكتابة في اطراف المقام، وقد عادت إلى ما كانت عليه لكن الآيات القرآنية جرت في قلبي كالسيل، فخرجت من المقام، ولما رأيت أن الغروب قد اشرف وهممت بالصلاة رأيت الناس ينظرون إلي بتعجب وقالوا: اين كنت؟

قلت: كنت في المقام لقراءة الفاتحة.

قالوا: افتقدوك ليوم كامل وهم يبحثون عنك فعلمت انني كنت طول هذه المدة مغمى علي.

هذا ما رأيته وسمعته شخصياً من هذا الرجل، والعديد غيري اطلعوا على حاله وهم كثيرون ومن جملتهم عدد من الكتَّاب والعلماء، وهذا الرجل يعيش الآن – دون أي ادعاء – كالناس العاديين يزاول الرعي ولعله مازال في طهران.

اما القراء الاعزاء فما هو تفسيرهم لهذه القصة فهم أحرار.

(انتهى ما كتبه المحلاتي)

وكتب ((آية الله الحائري اليزدي)) حول هذه القصة ويقول:
الكربلائي كاظم المعروف نال عناية غيبية، وقد عرضت عليه كتاب الدرر الطبعة الأولى ذو الخط الدقيق جداً والمتداخل فأشار فوراً إلى جملة منه كانت جزءاً من آية قرآنية وكانت من سورة النبأ وقال: هذا من القرآن وقرأها، في حين أني لم التفت لها بسهولة، وقال: لا أعرف قراءة غير القرآن، وحروف القرآن تتلألأ نوراً أمام عيني.

--------------------------------------------------------------------------------
[1] - سورة الحديد، الآية: 22- 23
[2] - سورة المائده، الآية: 54 [3] - شاهي: وحدة عملة كانت تستعمل آنذاك (المترجم)

التسميات: