العبد الصالح الحاج "يحيى المصطفوي" الذي وفقت لرفقته في سفر الحج والزيارة نقل لي فقال: كان أحد الأخيار في أصفهان ويدعى "السيد محمد الصحاف" وكان ذا حب شديد للمرحوم "السيد زين العابدين الأصفهاني"، وبعد عام من وفاة "الاصفهاني" رآى في منامه في بستان واسع وقصر فخم مفروش بالحرير والاستبرق والرياحين والورود الملونة وأنواع المأكولات والمشروبات وسواقي الماء وجميع اللذائذ والمباهج. فبهت لما رآه وعلم انه في عالم البرزخ وتمنى ان يكون في مثل هذا المقام. فقال للسيد "الأصفهاني": أنت في مثل هذا المقام في كمال البهجة والراحة، ونحن في الدنيا نعاني آلاف المصائب والبلايا لولا جعلت لي مكاناً إلى جانبك في هذا المقام.
فقال له السيد: إذا كنت تحب ان تكون معي لا بأس اني أنتظرك في ليلة الجمعة من الأسبوع القادم.
فاستيقظ من نومه واستيقن أنه لم يبق من عمره سوى أُسبوع واحد، فانشغل بإصلاح أعماله ودفع الديون التي عليه ووصى أهله بما يلزم. وقد تعجب من تصرفه هذا أهله وسألوه عما دهاه، فكان يقول لهم: أهمُّ بسفر طويل.
ويوم الخميس يخبر أهله بالأمر ويؤكد لهم أنه آخر يوم من عمره وسأذهب الليلة إلى منزلي، قالوا له: انك في صحة تامة وسلامة. فقال لهم: أنه وعد حتمي. ولم ينم طوال ليلته تلك بل قضاها بالدعاء والإستغفار، وطلب من أهله أن يخلدوا للراحة.
وبعد طلوع الفجر أتوا إلى فراشه فوجدوه نائماً باتجاه القبلة وقد رحل عن الدنيا، رحمة الله عليه.