نقل "الحاج المعتمد"قصة فقال: دعيت في أحد الأيام لحضور مجلس الروضة الحسينية في "تكية داعي الله" وكانت الطرق موحلة بسبب الأمطار والثلوج ففضلت المرور من وسط "مقبرة دار السلام شيراز" وبعد انتهاء المجلس عدت من نفس الطريق.
وفي تلك الليلة شاهدت في منامي المرحوم "السيد الميرزا سلطان" وقال لي: يا معتمد مررت اليوم أمام بيتي ورأيته خرباً ولم تصلحه.
وعندما استيقظت فكّرت في الامر ولم أكن أعرف أين هو قبر ذلك المرحوم أو في أيّة مقبرة دفن، فذهبت إلى الشيخ حسن الذي يتولى أمر المقبرة وسألته عن قبر السيد الميرزا سلطان هل هو في هذه المقبرة؟ قال: نعم هو هنا وصحبني ودلني عليه. وكان حقاً كما قال المرحوم في طريقي الذي مررت منه بالأمس وقد خرب إثر الأمطار والثلوج وانها ر قسم منه، فدفعت مبلغاً من المال للشيخ حسن ليصلح القبر.
***
من هذه القصص والآلاف مثلها نعلم جيداً أن الإنسان لا يفنى بعد الموت، حتى وأن أصبح بدنه تراباً لكن روحه باقية في عالم البرزخ ومطلعة على ما يجري في هذا العالم وقد أكد ذلك القرآن ﴿أحياء عند ربهم يرزقون﴾[1] ﴿ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون﴾[2].
وكذا الروايات ففي المجلد الثالث من كتاب "بحار الأنوار" روي عن رسول الله (ص) انه خاطب قتلى المشركين في وقعة بدروقال لهم (بالمعنى) بئس الجيرة لرسول لله كنتم، أخرجتموه من بيته، واجتمعتم من بعده وحاربتمون فها قد لقيتم ما وعدني الله حقاً أي الهلاك في الدنيا والعذاب بعد الموت.
فقال له عمر بن الخطاب: كيف تخاطب الموتى والهلكى (يريد بذلك انهم لا يسمعون). فقال له (ص): يا ابن الخطاب فوالله لست بأسمع منهم وليس بينهم وبين العذاب على يد الملائكة سوى أن أدبر عنهم.
وروي كذلك أنه وبعد انتهاء حرب الجمل وفوز أمير المؤمنين (ع) عبر بين القتلى إلى أن وصل إلى جثة كعب الذين كان قاضياً للبصرة في عهدي عمر وعثمان، وقد شارك في الحرب مع جميع أولاده وأقاربه ضد أمير المؤمنين (ع) وقتلوا جميعاً، فأمر أمير المؤمنين (ع) فأقعدوه فقال له: (بالمعنى) يا كعب قد وجدت ما وعدني ربِّي حقاً (أي الفتح والظفر) فهل وجدت ما وعدك ربك حقاً (أي الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة) ثم أمر فأعيد إلى الأرض، وسار فبلغ جثة طلحة فأجلسوه وقال له مثل ما قال لكعب. فقال له أحد أصحابه: مامعنى كلامك مع جثتين لا تسمعان شيئاً؟ فقال له: والله سمعوا كلامي كما سمع قتلى المشركين ببدر كلام رسول الله (ص).
------------------------------------------
[1] - سورة أل عمران، الآية: 169
[2] - سورة المؤمنون، الآية: 100