Ads 468x60px

السبت، 27 يوليو 2013

الحلقة الثامنة عشر - ربوع وادي السلام

ربوع وادي السلام

التفت إليَّ الهادي وقال: « هنا أرض وادي السلام، حيث يستتبّ في ربوعها الأمن والسلام، فعلِّق عصاك وترسك على الفرس، واتركه يرعى هنا حتّى موعد التحرّك ».
بعد ذلك انتهينا إلى باب قصر رأينا عنده حوض ماء من قطعة واحدة من البلّور، ولقد كان الماء زلالاً، والبلور رائقاً، بحيث تخاله ماءً قائماً بغير إناء، أو إناءً قائماً بغير ماء:
رقّ الزجاج ورقّت الخمرُ
فتشابها فتشاكـل الأمـرُ
فكأنّما خمـر ولا قـدحٌ
وكأنّما قـدح ولا خمـرُ

وقد تناثرت حول الحوض مقاعد مريحة ومناشف من حرير، فخلعنا ملابسنا واغتسلنا في ذلك الماء، وطهّرنا ظاهرنا وباطننا من الكدر والغل والغش، فزال عنّا كلّ شعر ظاهر على البشرة حتّى اللحية والشوارب، وجميع العيوب والنواقص الأُخرى، ولم يبق سوى شعر الرأس والرموش والحاجبين، وهي التي تضفي على الإنسان جمالاً، كما أنّ جميع الرذائل الباطنية قد زالت: « وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إخْوَانَاً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (1).
سألت الهادي عن اسم هذه العين، فقال: ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (2).
وبعد أن تطهّرت أبداننا، ارتدينا الملابس الفاخرة التي كانت هناك. كانت ملابسي من الحرير الأخضر، وملابس الهادي من الحرير الأبيض، نظرت إلى المرآة فوجدت أنّي على درجة من البهاء والجلال والكمال، بحيث إنّي عشقت نفسي، ومع ذلك فإنّي عندما نظرت إلى الهادي تحيّرت في حسنه وجماله وبهائه غبطتُه على ذلك.
ثمّ قمنا، وتقدّم الهادي فطرق الباب، ففتح البابَ لنا شاب جميل الصورة، وطلب منا بطاقات الدخول، فأعطيته البطاقة، فقبّل التوقيع، وقال مبتسماً: وَنُودُوا أنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُوْرِثْتُموهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (3).
فدخلنا ونحن نقول: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أنْ هَدَانَا اللهُ لَقَدَ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالحَقِّ .

دار السرور
وتقدّمني الهادي إلى غرفة مصنوعة من قطعة واحدة من البلّور، فيها سرر من الذهب، عليها فرش من المخمل الأحمر رُتّبت عليها وسائد لطيفة، وكان السقف والجدران تعكس صورنا، فكنّا نشعر باللذة لمطالعتنا ذلك الحسن والجمال في أنفسنا. كانت مائدة الطعام قد مُدّت في وسط الغرفة وصُفّ فوقها أنواع الأطعمة والأشربة، واصطفّ فتيان وفتيات للخدمة، فجلسنا فوق تلك السرر: عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ مُتَّكِئينَ عَلَيْها مُتَقَابِلِينَ * يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأكْوابٍ وَأبارِيقَ وَكَأسٍ مِنْ مَعِين * لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا ولا يُنْزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كأمْثالِ اللُؤْلُؤِ المَكْنُونِ * جَزاءُ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ * لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تأثِيماً * إلاّ قِيلاً سَلاَمَاً سَلاَمَاً (4).
وبعد أن تناولنا الأطعمة والأشربة الطاهرة والفواكه، اضطجعنا على السُّرُر نستريح.
لم تمض ساعة حتّى ارتفعت أنغام الآلات الموسيقية مصحوبة بالأصوات الرخيمة والألحان والأطوار الغنائية التي تسلب اللبّ، وتسحر القلب. وفجأة ارتفع صوت عذب يتلو بمقام حجازيّ سورة الإنسان، وكان الصوت يأخذ بمجامع القلوب. سكنت كلّ الأصوات الأُخرى احتراماً، وبقيت أنا كما كنت مضطجعاً مغمض العينين، لكي يظنّني الهادي نائماً فلا يُحدِث صوتاً، وكذلك كي لا أرى المرئيات فتصرفني عن الإنصات. لقد كانت لي أُذنان، واستعرت أربعاً أُخرى، رحتُ أنصت بها إلى تلك التلاوة المباركة حتّى انتهت السورة وسكت الصوت، فانتصبت جالساً، وجلس الهادي أيضاً، فسألته عن اسم المدينة.
فقال: « إنّها من قرى دار السرور ».
قلت: « ما أعظم بلداً تكون هذه إحدى قُراه! كيف إذن تكون عاصمته ؟! ».
وسألته عن صاحب الصوت الذي تلا تلك السورة، فقد أخذ قلبي معه، لأنّي كنت في دار الدنيا أحبّ هذه السورة كثيراً، فعاد هذا اللحن الرائع في هذا العالم الروحاني يصبّ حياة جديدة في نفسي، وثورة في رأسي، فكان لابدّ لي أن أعرف صاحب ذلك الصوت.
ولكنَّ الهادي قال: « لا أعلم من هو صاحب الصوت، إلاّ أنّ كبير هذا البلد يزور المسافرين أحياناً، وأنا لابدّ أن أراه لآخذ توقيعه على بطاقة المرور، فلعلّ صاحب الصوت يرافقه فنراه ».
قلت: « ماذا سيكون مصيرنا لو أنّه امتنع عن التوقيع ؟».
قال: « هذا ممكن عقلياً، وبديهي أن تسوء الأُمور جدّاً إذا لم يوقّع على الجواز، ولكن ذلك مستبعد. إسأل نفسك وباطنك: بَلِ الإنسَانُ عَلى نَفْسِهِ بَصيرَةٌ (5).
ارتجفتُ خوفاً من كلام الهادي، ووجدت نفسي متردّدة بين الخوف والرجاء، فأخذت أُردِّد: « لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ».
قلت للهادي: « تقول إنّ هذه دار السرور، ولكنّك جعلتها دار الأحزان. هيّا بنا نذهب إليه، فقلقي يتزايد لحظة بعد أُخرى، وإذا هِبْتَ أمراً فقَعْ فيه.
إنّا هَدَيناهُ السَّبيلَ إمّا شاكراً وإمّا كَفوراً (6).

الحلقة السابعة عشر - مع الهمّازين اللمّازي

________________
1ـ الحجر / 47.
2ـ ص / 1.
3ـ الأعراف / 43.
4ـ الواقعة / 15 ـ 26.
5ـ القيامة / 14.
6ـ الإنسان / 3.
Read more

الجمعة، 26 يوليو 2013

الحلقة السابعة عشر - مع الهمّازين اللمّازين

مع الهمّازين اللمّازين

واصَلْنا سيرنا، وإذا بجهل يظهر مرّة أُخرى، فصرخت فيه: «ابتعد عنّي أيّها الملعون».
فقال: « ابتعد أنت عنّي ».
فابتعدتُ عنه بضع خطوات سائراً برفقة الهادي، وكان جهل يسير على جهة اليسار، وعلى جانبَي الطريق كانت هناك حيوانات مختلفة، كالكلاب والذئاب والثعالب والقرود، وبألون مختلفة، كالأصفر والأزرق، وكانت هناك أيضاً عقارب وزنابير وحيّات وفئران، وكان معظمها في حالة عراك فيما بينها، يفترس بعضها بعضاً، وينهش بعضها بعضاً، وكانت النار تخرج من أفواه بعضهم وآذانهم، وكان يظهر أحيانا سراب فيركض الجميع نحوه ظنّاً منهم أنّه ماء، ثمّ يعودون خائبين. كان بعضهم منهمكاً في التهام الجِيَف، بينما كان بعض في أعماق آبار يخرج منها دخان الكبريت ولهيب النار.
سألت الهادي: « من هؤلاء الذين يسكنون في هذه الآبار ؟ ».
فقال: « هؤلاء هم الذين كانوا يسخرون من المؤمنين ، ويستهزئون بهم ويترفّعون عليهم: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1). أمّا الذين يأكلون الجيف فهم الذين كانوا يغتابون، والذين تخرج النار من آذانهم فهم الذين كانوا يستمعون إلى الغيبة، والذين يتقاتلون من الكلاب والهررة والذئاب هم السبّابون والشتّامون، أمّا الذين تراهم اصفرّت وجوههم فهم المتلوّنون النمّامون الكذّابون ».
كان الجوّ في تلك الأرض حارّاً جدّاً يسبّب العطش، فكنت أطلب الماء من الهادي كلّ ساعة، فكان يسقيني أحياناً بقليل من الماء، وأحياناً لا يسقيني إطلاقاً، وكان يقول: « إنّ الطريق خالٍ من الماء، وما نحمله منه قليل ».
فسألته: « لماذا حملت قليلاً من الماء ؟ ».
فقال: « لأنّ سعتك لم تزد على ذلك ».
فقلت: « ولماذا سعتي قليلة هكذا ؟ ».
فقال: « لأنّك أنت الذي جعلتها صغيرة بقلّة إيصالك ماءَ التقوى إليها، فجفّت ولم تُفلح الفلاحَ كلّه.
قال الله سبحانه وتعالى: قَدْ أفْلَحَ المُؤمِنُونَ * الّذينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُون * وَالّذينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (2). ولكنّك لم تكن مطلق الإعراض عن اللغو، ولا كنت خاشعاً في صلاتك: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيَراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمًلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شرّاً يَرَهُ (3).
ثمّ قال: « انظر أمامك، ماذا ترى ؟ ».

بساتين الأذكار
نظرت فرأيت في الاُفق دخاناً أسود مخلوطاً باللهب، صاعداً إلى عنان السماء. لقد كانت بساتين من الأشجار المثمرة قد اشتعلت ناراً، فسألت الهادي عنها.
فقال: « تلك البساتين من صنيع التسبيحات والتهليلات والأذكار التي قام بها أحد المؤمنين، ولكن في هذه اللحظة ورد على لسان هذا المؤمن كذب ولغو وتهمة، فاستحالت هذه إلى نار أخذت تأكل حسناته وبساتينه
(4). فلو كان لصاحبها إيمان ثابت لأولاها اهتمامه، ولَما أُرسل مثل تلك النار لتحرقها. ولكنّه عندما يصل ويدرك ما فعل، سيعضّ على بَنان الندم حسرةً ولكن بغير جدوى. إنّ الله أشار إلى الإيمان بالنتائج وملكوت الأعمال الذي ذكره لنا الأنبياء، وهو غائب عن الأنظار في العالم المادي. وقد جاء في بداية القرآن الكريم: «هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذينَ يُؤمِنُونَ بِالغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ (5).
وعندما وصلنا كانت النار قد أتت على البساتين كلّها وأحالتْها رماداً، ثمّ هبّت ريح ذرّت الرماد في الجوّ حتّى لم يبق منه أثر: أعْمَالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّدت بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ (6).
بعد أن اجتزنا البساتين المحترقة، وصلنا إلى بساتين مخضرّة، نضرةً كثيرة الثمر والورد والرياحين والمياه الجارية والطيور المغرّدة. قلت في نفسي: لابدّ أنّ تلك البساتين التي احترقت كانت مثل هذه، ولو أنّ صاحبها عرف هذا لمات حسرة وكمداً.

الحلقة السادسة عشر - بلايا قوم لوط و مع عبيد المعدة

____________________
1 ـ الهُمزة / 1.
2 ـ المؤمنون / 1 ـ 3.
3 ـ الزلزلة / 7 و 8.
4 قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: مَن قال: « سبحان الله » غرس الله له بها شجرة في الجنّة، ومَن قال: « الحمد لله » غرس الله له بها شجرة في الجنّة، ومَن قال: « لا إله إلاّ الله » غرس الله له بها شجرة في الجنّة.
فقال رجل من قريش: يا رسول الله! إنّ شجرنا في الجنّة لكثير! قال: نعم، ولكن إيّاكم أن تُرسلوا عليها نيراناً فتحرقوها! وذلك أنّ الله عزّ وجلّ يقول: « يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ ولا تُبطلوا أعمالكَم ». ( بحار الأنوار، للعلاّمة المجلسيّ 187:8 عن أمالي الطوسيّ.
وقد جاء في الحديث: « الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ».
5ـ البقرة / 1.
6ـ إبراهيم / 18.
Read more

الحلقة السادسة عشر - بلايا قوم لوط و مع عبيد المعدة

بلايا قوم لوط و مع عبيد المعدة

رأيت أنّ الشدائد قد ازدادت، وأخذت الأرض تهتزّ اهتزازاً منكراً، وعصفت عاصفة هوجاء، واظلمّ الفضاء، وراحت تمطر صخوراً على جانبي الطريق وكأنّ يوم الحشر قد قام على من كان هناك، وقد تحوّل المبتلون بذلك إلى هياكل مخيفة تصارع الغرق في ذلك الوحل المغليّ، فإذا نجح أحدهم في الخروج من مستنقع الوحل أتته صخرة من السماء على أُمّ رأسه، ودقّته كالمسمار في الأرض. وكنت أنا أشهد تلك الصور وقد استولى عليّ رعب شديد وأخذ جسمي يرتعش.
سألت الهادي: «ما هذه الأرض ؟ ومن هؤلاء الذين ابتُلوا بهذه البلايا والعذاب الأليم ؟».
في تلك اللحظة كان الصخر المنهمر من السماء قد اشتدَّ بحيث اضطُرّ الهادي أن يطير فوق رأسي، وهو مصفرّ الوجه خوفاً، وقد ضعفت قواه، فقال: « ما زلنا في أرض الشهوات، أمّا هؤلاء المعذّبون فهم اللوّاطون، فأسرعْ حتّى نخرج من بينهم، فإنّ الراضي بفعل قوم أو الداخل فيهم ولم يخرج منهم، فهو منهم ».
فقلت: « إنّ الأوحال التي على الطريق، وهي أوحال الشهوات البشرية التي تظهر بهذه الصورة، تحول دون انطلاق الفرس بسرعة، لما فيها من لزوجة غليظة ».
فقال الهادي: « لابدَّ من الإسراع. احمِ رأسك بالترس عن الصخور، وحثّ الفرس ببضع ضربات، لعلّنا ننجو بعون الله من هذا البلاء الَمْ تَكُنْ أرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيْهَا ؟! (1)، لم يبق أمامنا سوى فرسخين للخلاص من هؤلاء ».
فجمعت أطراف شجاعتي، وألهبت الجواد ببضع ضربات، ونخسته بالركاب في خاصرته، فحرّك ذيله وجمع نفسه ونفخ خياشيمه وانطلق كالريح الصرصر العاتية، بحيث إنّ الهادي الذي كان دائم التحليق فوق رأسي، تخلّف عنّا: سابِقُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ والأرضِ (2).
وفجأة رأيت الأغبر الملعون قد أوصل نفسه إليّ كالمارد الأصفر، فجفل الجواد من رؤية هيكله وألقاني إلى الأرض فتحطَّمت عظامي، وخرج الجواد عن الطريق وغاصت يداه في المستنقع، إلاّ أنّه استطاع أن يخرجهما بصعوبة بالغة.
أدركني الهادي وضمّد رأسي ويدي ورجلي المكسّرة، وشدّني على الفرس شدّاً محكماً، وأمسك هو باللجام ومشى أمامنا، حتّى خرجنا من تلك الأرض ذات المصائب والبلايا.
قلت للهادي: « إنّك كلّما ابتعدت عنّي اقترب منّي هذا الأغبر، وأصابني بضرر بليغ ».
قال: « كلّما اقترب هذا منك ابتعدت أنا. إنّ اقترابه منك منوط بك أنت ».

مع عبيد المعدة
دخلنا أرضاً أُخرى من أراضي الشهوة، حيث كان عبيد المعدة ومحبّو النفس يسكنون على الجهة اليمنى. كانوا بصورة الحمير والأبقار والأغنام. هؤلاء هم الذين كانوا يهتمّون بملء بطونهم ولكن من أموالهم الحلال، لذلك لم يكن عذابهم شديداً. أمّا الذين كانوا على جهة اليسار، فقد كانوا على هيئة الخنازير والدببة، لأنّهم كان همّهم علفهم بصرف النظر عن منشئه: كان من الحلال أم من الحرام، من مالهم أم من مال غيرهم. وكانت معدهم ضخمة جدّاً (3)، وأعضاؤهم الأُخرى هزيلة نحيفة، وكانوا في عذاب أشدّ: أُولئِكَ كالأنْعامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ سَبِيلاً (4).
وصلنا إلى منزل للمسافرين في صحراء قاحلة، ولم يكن فيه شيء سوى ما جلبه المسافرون معهم من زاد، فأخذوا يأكلون، أمّا أنا فقد كانت أعضائي تؤلمني جرّاء سقوطي من الفرس. فأخرج الهادي من الخرج بعض العُلب، وأخرج دواء، وراح يضعه على بدني، فزال الألم وأحسست بجسمي سليماً فسألته ممّ كان الدواء، فقال: « إنّه الحمد الباطن الذي أدّيته لله في الدنيا على نعمه، كما أنّ تلاوة سورة الفاتحة في الدنيا يعتبر دواءً لكلّ داء إلاّ الموت. وهذا الحمد في الآخرة الذي يعني معرفة المنعم الحقيقي، والامتنان منه يكون دواءً للأدواء الأُخروية ».
قال الله تعالى [ في حديث قدسيّ شريف ]: « حَمِدَني عبدي، وعلم أنّ النعم التي له من عندي، وأنّ البلايا التي اندفعت عنه فبتطوّلي، أُشهدكم فإنّي أُضيف له إلى نعم الدنيا نعم الآخرة، وأدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا » (5).
تحرّكنا في الصباح. قال الهادي: « بانتهاء النهار سوف نترك أرض الشهوات، ومسيرنا اليوم سيكون في أرض الشهوات التي تخصّ اللسان، ولكنّ البلايا والمصائب اليوم ليست أخفّ ممّا رأيناه في اليوم الأوّل في أرض شهوات الفروج. هذه أرض جافّة لا ماء فيها، فلابدّ من حمل الماء معنا على الفرس، بينما تسير أنت راجلاً قدر الإمكان، احمل معك الترس فله أهمّيته اليوم ».
فسألته: « ما هذا الترس ؟ ».
فقال: « إنّه مصنوع من الصوم ومن تحمّل الجوع والعطش، وهو الذي حفظك من شهوات الفروج: فإنّ الصوم جُنّة من النار، كما أنّه وِجاء من الشهوة ».

الحلقة الخامسة عشر - حورية العمل الصالح و عبور أرض الشهوات

___________________________

1 ـ النساء / 97.
2 ـ الحديد / 21.
3 ـ في حديث حول آكلي الربا: أنّ معدهم كبيرة وممتلئة ناراً. وقد قال الله تعالى: «يَمحق اللهُ الرّبا ويُربي الصدقات والله لا يحبّ كلّ كفّار أثيم».
4 ـ الأعراف / 179.
5 ـ من حديث قدسي.
Read more

الخميس، 25 يوليو 2013

الحلقة الخامسة عشر - حورية العمل الصالح و عبور أرض الشهوات

حورية العمل الصالح و عبور أرض الشهوات

دخلنا الحجرة.. فإذا بحوريّة جالسة على السرير، وقد أضاءت الحجرة بنور وجهها، فأعشّتْ عيني. قال الهادي: « هذه زوجتك، جاءتك الليلة من وادي السلام »، ثمّ خرج من الحجرة.
فاتّجهتُ نحوها، فقامت واقفة احتراماً، وقبّلتْ يدي، وجلسنا جنباً لجنب.
قلت لها: « أخبريني عن حسبك ونسبك، وكيف أصبحت لي ؟ ».
قالت: « أتذكر المدرسة الفلانية التي كنت تَدرس فيها وأنت في عزّ شبابك، حيث أحييتَ سُنّةً في إحدى ليالي الجمعة هناك ؟ ».
قلت: « نعم ».
قالت: « لقد خلقني الله من ذلك العمل الصالح ».
فقلت: « زيديني من كلامك العذب، لأنّي أتلذّذ بكلامك الحلو إذ أسمعك تتحدّثين ».
فأرخَتْ أجفانها حياءً وخَفَراً، وابتسمت ابتسامةً أضاءت بالتماعها جنبات القصر، وقالت: « أنا لست وحدي مخلوقة من ثواب ذلك العمل الصالح، ففي جنّة الخُلد عدد كثير من الحور خُلِقن من أثره، وهنّ على قدر من الجمال الباهر بحيث إنّك في الوقت الحاضر غير قادر على تحمّل النظر إليهنّ إلاّ بعد وصولك إلى هناك، إلاّ أنّ أشعتهنّ تنعكس في وادي السلام، وهو فيض من أنوار جنّة الخلد. فتلك الحوريّات لا تستطيع تحمّل رؤيتهن الآن، أمّا أنا التي جئت لخدمتك فلست أكثر من انعكاس باهت لجمالهنّ وفي مرتبة دانية ».
فسألتها: « أتعلمين لماذا كان للمتعة كلّ هذه الخصائص وكانت محبوبة عند الله ؟».
قالت: « بالإضافة إلى ما فيها من المتعة الذاتية، فإنّها لولا تشريعها لارتكب الكثير من الناس جريمة الزنا، لعدم استطاعتهم الارتباط بالزواج الدائم، وكان لإلغائها مفاسد كثيرة، كما قال الإمام عليّ عليه السّلام:
« لولا منعها عمر لما زنى إلا شقي » (1). ومع ذلك فإنّ في هذا العمل يندرج ركنان من أركان الإيمان: الأوّل هو التولّي، والآخر هو التبرّي. فبغير ولاية عليّ بن أبي طالب وأولاده عليهم السّلام، والتبري من أعدائهم، لا يمكن أن يرى أحد وجه النجاة حتّى لو عبد عبادة الثقلين، وظلّ طول عمره قائم الليل صائم النهار، وقد وردت في هذا المضمون أحاديث قدسيّة كثيرة، كما تعلم أنت خيراً منّي ».
قلت: « تُرى في أيّة مدرسة تعلّمتِ كلّ هذا الكلام الذي يقطر حلاوة ؟ ».
قالت: « إنّ مصطلحاتكم التي تتعاطونها في الدنيا وتمسّككم بالألفاظ والأسماء لا وجود له هنا، فنحن جميعاً مواليد عوالم أُخرى لا مدرسة فيها ولا تعليم، لكنّنا بالولادة عارفون عالمون ».

عبور أرض الشهوات
عاد الهادي وأشار بضرورة الحركة، فنهضتُ وركبت الفرس وأمسكت العصا بيدي، وعلّقت الترس على ظهري، وناولني الهادي البطاقة وجواز المرور، وتحرّكنا حتّى خرجنا من المدينة، ودخلنا أرضاً كلّها أوحال ومستنقعات. وعلى امتداد الطريق من الجانبين كانت تطالعنا حيوانات أشبه بالقرود، ولكن كانت تبدو كالبشر، فأجسامها لم تكن مغطّاة بالشعر، ولم يكن لها أذناب، وهي تسير بقامات مستقيمة، إنّما كانت تشبه القرود، وكان يخرج من فروجها القيح والدم والفائر.
سألت الهادي عمّا تكون هذه الأرض، وعمّن تكون هذه الحيوانات التي تثير روائحها وعفونتها التقزّز والاشمئزاز في النفس.
فقال: « هذه الأرض أرض الشهوات، وهؤلاء هم الزُّناة، واحذر أن تخرج عن الطريق، وإلاّ أصابك بعض ما بهم ».
فاستولى عليّ الرعب، وأمسكت بزمام الفرس لئلاّ يخرج عن الطريق الذي كان مليئاً بالطين والوحل، بحيث كان الفرس يغوص فيه حتّى بطنه.
كنت أقول في نفسي: ما أحسن وصول هذا الفرس لي لأسير عليه في مثل هذا الطريق! رحم الله زوجتي التي أرسلَتْه إليّ. وما أصدق الحديث: « مَن تزوّج فقد أحرز نصف دينه » (2)، وقد قال الله تعالى:«هُنّ لِباسٌ لَكُمْ وَأنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ» (3).
كنت أرى بعض أولئك معلّقين بالمشانق، وقد ثبتت مذاكيرهم بمسامير الحديد على المشانق، ومنهم من كانوا يُجلدون بالسياط المصنوعة من الأسلاك، فينبحون كالكلاب، فيقال لهم: اخْسَأوا فيها ولا تُكلّمون .
وَلَوْ تَرى إذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُو رُؤوسِهِم عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أبْصَرْنَا وسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صَالِحاً إنَّا مُوقِنُون
(4).
ورأيت غبُر الوجوه قد وصلوا، وبعضهم هجم محاولاً الخروج عن الطريق، وبعضهم حاول إثارة الخيل، وبعضهم كان يشير إلى جفاف جانب الطريق. وكنت أرى أنّ الراكبين من غبُر الوجوه الذين كانوا يسيرون على الأرض الجافّة لم تكن تظهر آثار حوافر خيلهم على الأرض، حتّى أنّ المرء كان يحلو له أن يترك الطريق الموحل ليسير على حافّته الجافّة، ولكنّي مع ذلك التزمت كلام الهادي، فأمسكت بلجام الفرس بشدّة لئلاّ ينحرف عن الطريق.
كنت أرى المسافرين الذين أقنعهم سُودُهم بالخروج عن الطريق وقد غاصوا في الأوحال والمستنقعات حتّى أذقانهم، بحيث كان من الصعب إخراجهم، والذين تمكّنوا بكلّ مشقّة من الخروج خرجوا وأجسامهم ملوّثة بالقذر الأغبر، وبعد فترة كان ذلك القذر يذيب لحم أجسامهم، فتتساقط على الأرض من شدّة الحرارة.
والظاهر أنّها لم تكن من الأوحال، بل كانت من موادّ قُلَوية أو من القَطِران. وكنت من شدّة خوفي أشُدّ على زمام الفرس وأقول: الحمد لله الذي لم يجعلني من السَّواد المُخترَم. وكنت أسمع المسافرين يشكرون الله بصوت مرتفع. فقلت للهادي: « إنّ من أحاديث الرسول صلّى الله عليه وآله أنّك إذا رأيت مبتلىً، فاشكر الله على سلامتك بصوت منخفض، لئلاّ يسمع فيحترق قلبه ».
فقال الهادي: « ذلك حكم الدنيا، حيث أهل لا إله إلاّ الله محترمون. ولكن هنا وفي يوم الجزاء، يجب الشكر بصوت مرتفع، لكي يزداد ندم المبتلى وأسفه، وليتّضح كلّ ما كان مستوراً مختفياً، لأنّنا نتّجه من الظلام إلى النور، ومن العمى إلى الإبصار، ومن النوم إلى اليقظة، فالدنيا دار الظلام والحزن والأسى: وإنّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الَحَيوَانُ (5)، وإنّ الله جاعل الظلمات والنور ».

الحلقة الرابعة عشر - مع الأغبر من جديد وعودة الهادي

_______________________
1 ـ لمعرفة المزيد حول هذا الموضوع ارجع إلى كتاب (الغدير) للباحث الشيخ عبدالحسين الأمينيّ رضي الله عنه وغيره.
2ـ هذا الحديث مرويّ في (الكافي) و (من لا يحضره الفقيه) عن كليب الأسدي عن الإمام جعفر الصادق عليه السّلام.
3ـ البقرة / 187. المقصود هو أنّه مثلما أنّ الملابس تقي الإنسان من الأوضار والحرّ والبرد وغير ذلك، فإنّ المرأة والرجل يحفظ كلّ منهما الآخر ويقيه.
4ـ السجدة / 12.
5- العنكبوت / 64.
Read more

الثلاثاء، 23 يوليو 2013

الحلقة الرابعة عشر - مع الأغبر من جديد وعودة الهادي

مع الأغبر من جديد وعودة الهادي

في الصباح تحرّكنا على الطريق الرئيس الذي كانت تحفّه من الجانبين الخضرة والزهور والرياحين والمياه الجارية، وكان الجوّ مشبعاً بالروائح العطرة إلى درجة لا توصف. كان الطريق كلّه على هذه الشاكلة حتّى خرجنا من حدود المدينة.
بعد ذلك بدأ الطريق يضيق وتزداد فيه العثرات، وهو يمرّ بوادٍ يتلوّى يميناً ويساراً، ولولا وجود المسافرين أمامنا لضللنا الطريق، فقد كانت هناك طرق فرعية على جهة اليسار. وفي أحد التواءات الطريق نحو اليسار التحق بنا غبُر الوجوه.
ما إن وقع نظري على الأغبر حتّى أحسست بشؤمه، واصطدمت قدمي بحجر فجُرحت، فرحت أعرج وأنا أسير بصعوبة بالغة، فتقدّمني المسافرون الآخرون وابتعدوا عنّي، وبقيت متخلّفاً عنهم.
كان الأغبر يمشي على يسار الطريق، حتّى وصلت إلى مفترق طريقين يتّجه أحدهما يساراً، فتحيّرت في أمري أيّ طريق أختار، عندئذ أسرع الأغبر إليّ وقال: « لماذا تقف متحيراً ؟ » وأشار إلى طريق اليسار، وقال: « هذا هو الطريق »، وتقدّم هو بضع خطوات فيه، ودعاني لكي أتبعه، ولكنّي خالفت وانطلقت في الطريق الآخر، وتَلَوتُ: « فإنّ الرشد في خلافهم » (1).
وراح الأغبر يصرّ علي متابعته، ولكنّي لم ألتفت إليه؛ لأني كنت قد جرّبته، ومن جرّب المجرَّب حلّت به الندامة.

عودة الهادي
لم أمش طويلاً حتّى انتهى ذلك الوادي بأرض مستوية خضراء، ولاح على البعد سواد البساتين وبيوت المنزل الثالث.
لقد وعدني الهادي أن نلتقي في هذا المنزل. ولمّا كنت قد أسرعت في سيري، فإنّ جهلاً قد تخلّف عنّي يائساً من اللحاق بي. وبعد برهة بلغت باب المدينة، وهناك التقيت الهادي، الذي كان في الحقيقة روحي، فتبادلنا السّلام والمصافحة والعناق، فأحسست بحياة جديدة في نفسي.
دخلنا القصر الذي كان قد أُعدّ لي، حيث كان قد جُمع فيه كلّ وسائل الراحة والرفاه. وبعد الاستراحة والأكل والشرب، سألني الهادي: « كيف مرّت عليك المنازل السابقة ؟ ».
فقلت: « الحمد لله على كلّ حال. كلّ المخاطر التي مرّت بي كانت بسبب جهل، وهو في الواقع من صنع يدي ولأنّك لم تكن معي، إذ لو كنت معي لما استطاع الأغبر أن يقوى عليّ. على كلّ حال، انتهت الرحلة بسلام، وقد أزالت عنّي رؤيتُك كلّ الهموم والآلام ».
قال: « إنّ عدم وجودي معك مكّنه من أن يمكر بك ويخدعك لإخراجك عن الطريق. ولكنّي إذا دللتك بعد الآن على طُرق مكرِه وخداعه، فإنّه سوف يلجأ إلى طرق ووسائل قوية أُخرى لإخراجك عن الطريق. وسوف يكون الطريق بعد هذا مليئاً بالمخاطر والآلام الشديدة التي قد تؤدي إلى الهلاك، إذ إنّ وجودي معك سوف يتمّ الحجّة عليك ولن تكون معذوراً. وكلّ وسائل دفاعك في هذه المرحلة سيكون عصاً وترساً، وهما قليلان. ولكن بما أنّ الليلة ليلة جمعة فيمكنك أن تذهب إلى أهل بيتك، فلعلّهم يتذكرونك بصنع الخيرات لك، فتزداد وسائل دفاعك في هذه المرحلة من الطريق ».
قلت: « إنّني يائس منهم، لأنّ أفكارهم لا تتجاوز حدود ذواتهم، خاصّة أنّ الأحياء سرعان ما ينسون أمواتهم ولا يعودون يذكرونهم. ففي الأُسبوع الأول الذي لم يكونوا قد نسوني فيه بعد، صنعوا ما صنعوا باسمي، مع أنّه كان لمنفعتهم، فكيف بهم الآن بعد أن نسوني كلّيّاً ؟! كلاّ، لا أمل لي فيهم ».
فقال:على أيّ حال، قُم إليهم، فلعلّهم يتذكرون قول النبيّ صلّى الله عليه وآله:«اذكروا أمواتكم بالخير» (2).
فلعلّه بذهابك إليهم يذكرونك بإذن الله، وإذا كنت يائساً منهم فلا تيأس من الله، فمن لجّ ولج.
ولا تقنطوا من رحمة الله (3)، إنّ رحمة الله قريبٌ من المحسنين (4).
فذهبت فرأيت أنّهم لم تعد لهم تلك العزة التي كانوا يعيشون فيها في حياتي، فالباب مغلوق، وليس ثمّة من يتذكّرهم، وقد اختلّ أمر معيشتهم، ورأيت الأطفال شُعثاً قد ذبلت وجناتهم، فاحترق قلبي عليهم ودعوت الله أن يرحمهم ويرحمني. وتذكّرتْ زوجتي أيّام رفاهها، فأرسلت عليّ رحمة من الله.
عدت إلى الهادي فرأيت فرساً بسرج مرصّع ولجام من ذهب مربوطاً عند باب القصر، فسألت الهادي عمّن يكون صاحب الفرس، فتبسّم وقال:
« لقد أرسلتْه زوجتك، وهو رحمة الله التي طلبتْها لك، فجاءت بصورة جواد، وليس أفضل من ركوب الجياد لطيّ مراحل السفر هنا، فالراجل يجد كثيراً من المتاعب، على الأخصّ المنزل الأوّل من المسير. ثمّ إنّ دعاءك لهم قد أُجيب أيضاً، ولسوف يعيشون بعد اليوم في خير ورفاه. فانظر كم من الخير جاء من زيارتك لأهل بيتك، إنّهم في عالم الغفلة غالباً ما يغفلون عن مزايا التزاور، على الرغم من تأكيدات رسول الله صلّى الله عليه وآله الذي يقول: بأنّ الناس إذا مضت عليهم ثلاثة أيّام، ولم يسأل بعض عن حال بعض، فإنّ حبل الإخاء في الإيمان سوف ينقطع بينهم ».

الحلقة الثالثة عشر - على مائدة الصائمين

_______________________
1 ـ هذه العبارة مقتبسة من أحد الأحاديث.
2 ـ الحديث المشهور هو: « واذكروا موتاكم بالخير ». وينقل المحدّث القمّي في (مفاتيح الجنان) حديثاً عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: « أرسلوا بهداياكم إلى موتاكم » فسئل عمّا تكون هديّة الموتى، فقال: « الصدقة والدعاء »، ثمّ قال: « إنّ أرواح المؤمنين تأتي في كلّ ليلة جمعة إلى السماء المقابلة لبيوتها، وتبكي بلوعة، وتنادي: يا أهلي وأبنائي، يا أبي وأُمّي، أيّها الأقرباء، تصدّقوا علينا بأيّ شيء ممّا كان عندنا وكان حسابه وعذابه علينا. وينادون على أقربائهم: ارحمونا بدرهم أو رغيف خبز أو ثوب، ألبسكم الله من ثياب الجنّة ». ثمّ بكى رسول الله صلّى الله عليه وآله وبكى [ أصحابه ]، وكان من شدّة بكائه غير قادر على مواصلة الكلام. وأخيراً قال: «هؤلاء هم إخوتكم في الدين، وقعوا في هذه الحال بعد السرور والنعمة، ويدْعون على أنفسهم بالهلاك والعذاب ندماً ويقولون: الويل لنا! لو أنّنا أنفقنا ممّا كان في أيدينا في سبيل الله وطاعته ورضاه، لما احتجنا إليكم. ثمّ يعودون بالحسرة والندم، ويصرخون على الأحياء أن أرسلوا صدقات الأموات».
3ـ الزمر / 53.
4ـ الاعراف / 56.
Read more

الاثنين، 22 يوليو 2013

الحلقة الثالثة عشر - على مائدة الصائمين

مدينة المحبة - على مائدة الصائمين

وصلت إلى بستان كان طريقي يمرّ من خلاله، وهناك رأيت بضعة أشخاص يجلسون على حافة حوض ماء، وأمامهم أنواع من الأثمار الشهيّة، وما أن رأوني حتّى أظهروا الاحترام ودعَوني للجلوس معهم، ومشاركتهم في تناول الفاكهة، وقالوا بأنّ الله قد توفّاهم من دار الغرور وهم صيام، وهذا طعام فطورهم، وإنّهم يَرَون أن لي حقّاً في أن أُشاركهم فيه، لأنّني لابدّ أن أكون قد دعوتُ أحد الصائمين إلى الإفطار عندي. فجلست وأكلت من تلك الفاكهة، فارتويت وزال عني العطش وما كنت أحس به من ألم.
سألوني: « ما الذي جرى لك في هذا الطريق ؟ ».
فقلت: « الحمد لله على كلّ حال، وكلّ المصاعب التي عانيت منها قد زالت برؤيتكم. إلاّ أنّ عدداً من المارّة قد تخلّفوا على أثر اقتناعهم بوساوس هؤلاء الغُبر، وأنا نفسي كدت أن أقع ضحية أغبري، ولكنّي لم أكترث بأقواله فتخلّف عنّي، وإنّي لأرجو أن لا يصل إلي ».
فقالوا: « ليس الأمر كذلك، إنّ هؤلاء غبُر الوجوه لا يرفعون أيديهم عنّا. إنّهم في هذه الأرض السمحة يؤذوننا بلسان المكر والخديعة، ولكنهم قد يحاربوننا بعد هذا مثل قطاع الطرق ».
فقلت: « فكيف نعمل ولا سلاح عندنا ؟ ».
قالوا: « إنّ مَن أعدّ لنفسه سلاحاً في دار الغرور فإنّه سوف يجده هنا في المراحل التالية. فقد قال الله تعالى: وأعِدّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِن قُوَّةٍ ومِن رِبَاطِ الخَيْلِ تُرهِبُونَ بِهِ عَدوَّ اللهِ وَعدُوَّكُمْ (1) ».
قلت: « كنت أفهم من هذه الآية ما يتعلّق بالإعداد والاستعداد للجهاد في الدنيا ».
قالوا: « إنّ القرآن وما فيه من تعاليم يخصّ كلّ العوالم والمنازل والمقامات، فهو يجمعها كلّها، ويشمل جميع مراحل الوجود، وإلاّ لكان ناقصاً، مع أنّه خاتم الكتب وقد نزل على خاتم الأنبياء، فكلّ ما كان خلف الستار قد ظهر ».
ثمّ نهضنا جميعاً وأخذنا نسير تحت الأشجار المثمرة ونمرّ بالأنهار الجارية، وقد عبق الجوّ بالريحان، وامتلأت القلوب بالفرح والسرور، وكأنّها قد تجلّى لها الجمال الإلهي.

مدينة المحبّة
بلغنا مكان النزول فاتخذ كلٌّ منّا منزلاً في أحد تلك القصور العالية المبنية بطابوق من الذهب والفضّة، كان أثاث البيت كاملاً من جميع الوجوه، وكانت نظافته ولطافته وما عليه من نقوش تبهر الأبصار وتحيّر العقول، وكان الخدم في غاية الجمال في ملامحهم وقدودهم وملابسهم وهم دائبو الحركة في خدمتنا:
ويَطُوفُ عَلَيهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إذا رأيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤلُؤاً مَنْثُورَاً * وإذا رأيْتَ ثَمَّ رأيْتَ نَعِيماً وَمُلْكَاً كَبِيرَاً
(2).
لقد شعرت بالخجل منهم، وأنا أراهم يقومون على خدمتي. ولكنّي عندما نظرت إلى مرآة كبيرة رأيت نفسي أجمل وأبهى وأجلّ منهم بكثير، وعندئذ استولى عليّ الوقار والهدوء ووثقت بجلال قدْري.
واقترب الليل واُضيئت المصابيح الساطعة على رؤوس الأغصان، وبدت المصابيح من بين الأغصان والأوراق المضيئة بما لا يعدّ ولا يحصى، وأضاءت كالشمس الساطعة جميع البساتين والقصور العالية كأنّها في رائعة النهار. فعجبت من ذلك وقلت في نفسي: يا إلهي! ما أكبر المولِّد الذي يستطيع أن يغذّي هذا العدد العظيم من المصابيح بالطاقة والنور! فسمعت قائلاً يقول: مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنّهَا كَوْكَبٌ دُرّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ (3).
عندئذ أدركت أنّ هذا الضوء من أنوار شجرة آل محمّد صلّى الله عليه وآله، وكان اسم المدينة ومنازل المسافرين (مدينة المحبّة)، وإنّ محبّي أهل البيت، ممّن بلغ بهم حبّ آل البيت مبلغ العشق، يسكنون في هذه القصور العالية الضاحكة المستبشرة، مشغولين بذكر الله وحمده، والثناء على الولي المطلق. وكانت أصواتهم جذّابة تأخذ بمجامع القلوب، وكنّا نحن في تمام الاطمئنان وكمال السرور. وقد رأينا أنّه كُتب على مدخل هذه المدينة وبخط جلي:
« حبّ عليّ حسنة، لا تضرّ معه سيئة » (4).

الحلقة الثانية عشر - شدّ الرحال من جديد

________________________
1 ـ الأنفال / 60.
2 ـ الإنسان / 19 و 20.
3 ـ النور / 35.
4 ـ هذا الحديث مروي عن طريق الشيعة والسنّة، وقد تناوله المحقّقون بالشرح والتوضيح، فقال بعضهم في تفسيره: حبّ عليّ أشبه بالدرع أو الحرز الذي يدفع الذنوب، فمن يحبّ عليّاً لا يقترف ذنباً.
Read more

الأحد، 21 يوليو 2013

الحلقة الثانية عشر - شدّ الرحال من جديد

الحلقة الثانية عشر - شدّ الرحال من جديد

جررت نفسي إلى وسط الطريق، ورحت أبكي من جرّاء القروح في فمي، والرضوض في أعضاء جسمي، ومن عطشي وتعبي وبعدي عن الهادي.
أمّا الأغبر الذي نال مرامه وحقّق هدفه، فقد كان يجلس بعيداً عنّي، وعلى شفتيه ابتسامة الشماتة والتشفّي، ويقول: « ما الذي يستطيع أن يعمله لك الهادي ؟! فأنت بمعونتي قد زرعت في الدنيا بذور الأذى بيدك. والدنيا مزرعة الآخرة، والآخرة يوم الحصاد. ألم تقرأ في القرآن: وَمنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرَّاً يَرَه
(1).
أيستطيع الهادي أن يأتي بما يخالف هذه الآيات القرآنية والحجج الدامغة ؟ سوف ترى عندما تجتمع مع الهادي في منزل وأكون معك، أيّ بلاء ينزل عليك بحيث أنّ الهادي نفسه لن يقدر على شيء. ألم يقل هو نفسه إنّك كلّما عصيت هرب منك، وكلّما تبت عاد إليك، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لا يزني المؤمن وهو مؤمن (2) فما فائدة مصاحبة الهادي ؟ ».
فرأيت أن هذا الملعون لا يخلو من معرفة، فسكتّ ولم أعد أذكر الهادي. وأخرجت تفاحّة من الخرج وأكلتها، فالتأمتْ جراحي وتحسّنت قوّتي، فقمت أُواصل المسير.
وصلت إلى مفترق طريقين، فاخترت الطريق الأيمن لأنّه كان يوصل إلى مدينة معمورة، بينما كان الطريق الأيسر يوصل إلى قرية خربة. قلت للموكَّل بالطرق: «أرجو أن تمنع هذا الأغبر الذي يتبعني من متابعتي، فقد آذاني اليوم كثيراً».
فقال لي: « إنّه مثل ظلّك لا انفصال له عنك، ولكنّه في هذه الليلة لا يكون معك، لأنّهم سوف ينزلون في القرية الخربة على اليسار، ومن ثمّ فسوف يقلّ إزعاجه لك ».
دخلت المدينة وإذا بالعمارات العالية، والأنهار الجارية، والخضرة الرائقة، والأشجار المثمرة، والخدمة المليحة، واللغة الفصيحة، والنغمات الرخيمة، والأطعمة الطيّبة، والأشربة الهنية. فبعد تلك الصحارى القَفر الموحشة، وتلك المزعجات التي أصابتني من ذلك الأغبر، أجدني الآن وأنا في هذا المكان كأنّني في جنّة فيحاء ذات عبير طيّب، حتّى أنّني ما كنت لأُفارق هذه المدينة لولا اشتياقي للهادي.
هنا التقيت عدداً من طلبة العلوم الدينية، الذين كنت أعرفهم. نمت تلك الليلة لأستريح من تعبي، وفي صباح اليوم التالي خرجنا من المدينة نتمشّى حيث الجو تعطره رائحة زهور القدّاح، وأخذت أقصّ عليهم ما جرى لي في اليوم السابق، لأنّ المسافرين على هذا الطريق يتسقّط بعضهم أخبار بعض عند وصولهم إلى مثل هذا المنزل، وهم في حال التحرك قلّما يسأل بعضهم عن بعض: لِكُلِّ امْرئٍ مِنْهُم يَوْمَئِذٍ شَأنٌ يُغْنِيه (3).
كنّا نشكر الله على التخلّص من أُولئك غبُر الوجوه: وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمين (4).
وخلاصة القول: إنَّ جميع حواسّنا قد تلذّذت في هذه المدينة، فالذائقة تلذّذت بالأطعمة اللذيذة، والشامّة بالروائح الطيّبة، والباصرة بالشمائل الحسنة، والسامعة بالنغمات الرائقة والأصوات الرخيمة، واللامسة بالكواعب الناعمة: لِمِثْلِ هَذا فَلْيَعْمَلِ العامِلُونَ (5).

شدّ الرحال من جديد
ونادى المنادي بالرحيل بمضمون: حيَّ على خير العمل. فحمل كلٌّ خرجه، وسِرنا حتّى وصلنا إلى مفترق الطريقين، حيث الطريق الموصل إلى القرية الخربة، وإذا غبُر الوجوه قد ظهروا من بعيد كالدخان الأغبر، فسألت الموكّل بالطريق: « ألا يمكن أن لا يصحبنا هؤلاء غبُر الوجوه ؟ ».
فقال: « هؤلاء صور نفوسكم الحيوانية ذات القوتين: قوّة الشهوة، وقوّة الغضب، ولا يمكن أن تنفصل عنكم، إلاّ أنّها متلوّنة، تتغيّر ألوانها، فهناك السوداء الفاحمة، وهناك السوادء الفاتحة والبيضاء، وهناك البيضاء الناصعة، كما أنَّ أسماءها تختلف أيضاً: فهذه الأمّارة، وتلك اللوّامة، والثالثة المطمئنة (6). فإذا صارت بيضاء ومطمئنة، كانت كثيرة الخير لكم، وبالغة بكم أعلى الدرجات، حتّى تصبحوا سرور الملائكة، وهذه نعمة ينعم الله بها عليكم، ولكنّكم تكفرون بالنعمة، وتظهرونها كأنّها النقمة. إنّ كلّ ما فعلتموه فعلتموه في الدنيا، وكلّ بذر بذرتموه فقد كان هناك، ونموه في فصل الربيع ليس بيدكم: أأنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (7).
والمثل العربي يقول:
« في الصيف ضيّعتِ اللبن » (8).
التحق بنا غبُر الوجوه، كلّ بصاحبه، وسرنا وتفرّق شملنا. تخلّف عنا واحد أو اثنان مع أغبرَيهما ، وتقدّمنا واحد أو اثنان، وكنت أسير مع أغبري حتّى وصلنا إلى سفح جبل، حيث ضاق الطريق وأصبح وعراً، وكان في أسفل الجبل وادٍ عميق، إلاّ أنّ قعر الوادي كان أرضاً منبسطة، ولكنّي كنت أودّ السير على الجبل؛ لأنّ الهواء في الوادي كان خانقاً. أسرع إليّ الأغبر وأيّد رأيي قائلاً: إنّه فضلاً عن انحباس الهواء في الوادي، هناك الحيوانات المفترسة والزاحفة، بينما يمكن في المرتفعات التمّتع بالنظر إلى الأطراف.
وبما أنّي في أوائل دراستي في العالم المادي كنت في الأعلى ومتفوقاً على الأقران، اتخذت طريق الجبل صعداً، ولكن لم نجد ثمّة طريقاً إلى القمّة، فأخذنا نسير على السفح، غير أن الطريق لم يكن مستوياً، ولتحرّك الحصى تحت قدمي انزلقت، ووقعت عدّة مرّات، وتدحرجت بضعة أمتار، وكدت أتدحرج إلى أسفل الوادي، ولكنّي كنت أتمسّك بالحشائش والصخور لئلاّ أسقط، إلاّ أن يديّ ورجليّ وجنبي أُصيبت بالجروح والخدوش، وانكسر أنفي عند اصطدامي بصخرة (9).
فقلت للأغبر: « ما أبدع تمتّعنا بالمناظر في هذه المرتفعات! ليتني كنت قد سرت في الوادي ».
كان الأغبر يضحك منّي، ويقول: « لقد سبق لك أن قرأت:
« من استكبر وضعه الله، ومن استعلى أرغم الله أنفه ».
ولكنك لم تتّعظ، فيقال لك: ذُقْ إنَّكَ أنْت الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (10).
على كلّ حال.. استطعت التخلّص من ذلك السفح الخطر بعد تحمل الكثير من المشاقّ والمتاعب بجسم مجروح مكدود. إلاّ أن الشخص المسكين الذي كان يسبقني في الطريق على السفح نفسه قد هوى من ذلك العلوّ إلى الوادي، وسمعت صوت أنينه يتعالى، بينما جلس أغبره إلى جانبه يضحك منه، وبقي هناك.
والخلاصة: إنّني وصلت بعد العناء المهلك إلى أرض سهلة لم ألقَ فيها كثيراً من الصعاب، لولا العطش وحرقة تلك الجروح. ولقد حاول الأغبر أن يقنعني عدّة مرات بدلائل عقلية لإخراجي من الطريق، ولكنّي لم أُعِره أُذناً صاغية، على الرغم من ميلي إلى ذلك. وإذْ رأى أنّني لم أطعه، تخلّف ورائي في السير.

الحلقة الحادية عشر - رفقة على مضض و منطق الجهل

___________________
1ـ الزلزلة / 8.
2 ـ يستفاد من هذا الحديث ومن أخبار أُخرى أنّ روح الإيمان ليست ثابتة في الناس، أي أنّها تُسلب من الإنسان عند الغفلة والمعصية، فهو لا يكون مؤمناً أثناء ارتكابه المعصية، ولا تعود إليه روح الإيمان ـ وهي قوّة ملكوتية إلهية ـ إلاّ بعد التوبة والاستغفار. فعلى ضوء هذا الشرح يتّضح معنى الحديث الشريف: « لا يزني المؤمن وهو مؤمن »، أو « لا يكذب المؤمن وهو مؤمن ».. أي أنّه عند الزنا والكذب وغير ذلك من المعاصي يغادر نورُ الإيمان الإنسان، ويصاحبه الجهل والعصيان.
3 ـ عبس / 37.
4ـ يونس / 10.
5 ـ الصافات / 61.
6 ـ النفس الأمّارة: هي التي وردت في سورة يوسف، الآية 52: « وما أُبرِّئُ نفسي إنّ النفْسَ لأمّارةٌ بالسوءِ إلاّ ما رَحِم ربّي ». والنفس واللّوامة هي التي وردت في سورة القيامة، الآية 2: « ولا أُقسمُ بالنفسِ اللّوامة ». أمّا النفس المطمئنة التي هي أعلى درجة من درجات النفس فقد وردت في سورة الفجر الآيات 26 و 27 و 28 « يا أيّتها النفسُ المطمئنةُ ارجِعي إلى ربِّكِ راضيةً مرضيّةً * فادخلي في عبادي * وادخلي جنّتي ».
7 ـ الواقعة / 64.
8ـ هذا مثل عربي يُضرب لمن يطلب شيئاً قد فوّته على نفسه، وأصله أن دختنوس بنت لقيط كانت امرأة لعمرو بن عُدس وكان شيخاً، فأبغضته فطلّقها، وتزوّجها فتىً جميل الوجه. وأجدبت السنة فبعثت إلى عمرو تطلب منه حلوبة، فقال المثل.(المترجم).
9 ـ هذا كناية عن أنّ شموخ الأنف سوف يتحطّم في هذا العالم ويُمرّغ في التراب.
10 ـ الدخان / 49. وفي تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي أنّ أبا جهل كان يرّدد دائماً بزهوٍ « أنا العزيز الكريم » فيقال له ولأمثاله يوم القيامة باستهزاء « ذق إنّك أنت العزيز الكريم ».
Read more