Ads 468x60px

السبت، 11 مايو 2013

عين الماء

عين الماء

ذهب جمع من سادات مدينة ((نجف آباد)) إلى مجلس الشيخ ((البيد آبادي)) وطلبوا منه أن يدعو لهم ليفرج الله عنهم العناء الذي أصابهم بعد أن جفت العين التي كانت تنبع من الجبل، والتي كانت تؤمن حاجة أهالي البلدة من الماء، فكتب الشيخ على رقعة الآية الشريفة من أواخر سورة الحشر ﴿لو انزلنا هذا القرآن على جبل...﴾[1] وطلب منهم أن يضعوها أول الليل على قمة ذلك الجبل ويتركوها هناك ويعودوا أدراجهم، فعلوا ما قال لهم، ولما وصلوا إلى منازلهم دوى صوت مهيب من ذلك الجبل سمعه جميع أهالي البلدة، ولما استيقظوا في صباح اليوم التالي رأوا عين الماء وقد جرت من جديد فشكروا الله سبحانه وتعالى.

***
تنبيه:

1ـ لا تعجب عزيزي القارىء من القصص التي ذكرناها عن الشيخ البيد آبادي وما شابه ولا تنكرها لا ـ سمح الله ـ فإن مثل هذه الاُمور بل وحتى أفضل منها إنما تدل على مراتب العلم والقدرة والبركة لدى أصحاب أهل بيت النبي (ص) أمثال سلمان الفارسي وميثم التمار ورشيد الهجري وجابر الجعفي، وكذلك رواة الأخبار والعلماء الأخيار أمثال السيد بحر العلوم والسيد باقر القزويني والملا مهدي النجفي الذين نقلت عنهم القصص والروايات الكثيرة الغير قابلة للإنكار (من أحب الإطلاع عليها يمكنه مراجعة كتاب رجال المامقاني الذي تطرق بالتفصيل إلى حالات اصحاب أهل بيت الرسول عليهم السلام ورواة الأخبار، أو مراجعة كتاب قصص العلماء الذي تضمن كرامات بعض العلماء).

2ـ إن صدور مثل هذه الكرامات من علماء دين كبار يدلنا على عظمة وشموخ أهل بيت النبي الأكرم (ص) وعلوهم عن هذا المستوى وان مقامهم اكبر من أن يطلع عليه أحد، حيث أن الأشخاص الذين اتبعوا آثارهم واسماءهم استطاعوا الوصول إلى هذه المنزلة من العلم والمعرفة واجابة الدعاء، فكيف بالإحاطة العلمية وبقدرة أهل بيت خاتم الأنبياء (ص)، فإنه من المسلّم به أن أي صاحب منزلة لم ينل منزلته الروحية إلى من فتات احسان آل بيت الرسول (ص) الذين هم قطب عالم الوجود وقلب عالم الإمكان ومصدر جميع الأمور، ومن التصديق بعجزنا عن إدراك مقام النبي وآله عليهم السلام يحصل لدينا اليقين بالعجز عن إدراك الإحاطة العلمية لرب الأرباب والقدرة اللامتناهية لمجيب الدعوات جل جلاله الذي خلق النبي (ص) وآله الكرام وأعطاهم منزلة الولاية.

وباختصار فإن الإطلاع على هذه القصص باعث على زيادة المعرفة والبصيرة بمنزلة النبي وآله عليهم السلام وعظمة رب الأنام.

3ـ هذه القصص ونظائرها تبعث على التصديق واليقين بصدق أوامر الله سبحانه ووعوده وكذا رسوله وآله عليهم السلام حول أهل التقوى وأن النفوس المستعدة كلما واظبت بشدة على تأدية التكاليف الشرعية وكانت جادة في الإتيان بجميع الواجبات وترك جميع المحرمات فإنها ستصل إلى مراتب ودرجات فوق إدراك العقول البشرية الجزئية، حتى تصبح الملائكة خدماً لهم، ويمنّ الله عليهم بإجابتهم في كل ما يسألون.

وغير هذه من الآثار المنقولة في كتب الروايات خاصة في باب كتاب الإيمان والكفر من أصول الكافي، وبما ان ذكر جميع هذه الأثار يتنافي مع قدرة هذا الكتاب لذا ومن أجل زيادة الإطلاع لدى القاريء العزيز فسأذكر هنا حديثاً واحداً رواه العامة والخاصة عن رسول الله (ص):

قال رسول الله (ص) قال الله تعالى عز وجل (( من أهان لي ولياً فقد أرصد لمحاربتي، وما تقرب اليّ عبد بشئ أحبّ اليّ مما افترضت عليه وانه ليتقرب إليّ بالنافلة حتى احبه، فإذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته)).

وقد أورد العلماء عدة آراء في شرح هذا الحديث المبارك نقلها العلامة المجلسي في كتاب مرآة العقول، والخلاصة المستفادة من الحديث هي أن الشخص يمكنه من خلال الإلتزام بالواجبات والمواظبة على المستحبات أن يصبح محبوباً ومقرباً من حضرة الخالق، وعندما يصبح كذلك يصبح نظره بعين الله ويرى من خلف آلاف العوائق ما لا يراه الآخرون ويسمع ما لا يسمعون وتتضح له الأمور المعنوية والصور الملكوتية والأنغام الغيبية الخافية عن الآخرين.

وباختصار: إعلم أيها القارىء العزيز ان نسبة ما تقرأه أو تسمعه في هذه القصص ونظائرها إلى ما وعد الله به عباده المقربين والمحسنين كنسبة القطرة إلى البحر كما جاء في مضمون هذا الحديث القدسي:

((أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)).