ذكر العالم الفاضل الخبير الميرزا عبدالله الأصفهاني تلميذ العلامة المجلسي (ره) في الفصل الثاني من خاتمة القسم الأول من كتاب (رياض العلماء) أن الشيخ أبا القاسم بن محمد بن أبي القاسم الحاسمي هو الفاضل العالم الكامل المعروف بالحاسمي وهو من كبار مشايخ أصحابنا ويظهر أنه من قدماء الأصحاب.
وقال الأمير السيد الحسين العاملي المعروف بالمجتهد المعاصر للسلطان الشاه عباس الماضي الصفوي في أواخر رسالته التي ألفها في أحوال أهل الخلاف في الدنيا والآخرة في مقام الحديث عن بعض المناظرات الواقعة بين الشيعة وأهل السنة ما نصه:
الثانية منها حكاية غريبة وقعت في البلدة الطيبة همدان بين شيعي اثني عشر وبين شخص سني رأيتها في كتاب قديم يحتمل حسب العادة أن تاريخ كتابته يعود إلى ثلاثمائة سنة قبل الآن وجاء فيه:
قامت بين بعض علماء الشيعة ألاثني عشرية واسمه أبو القاسم محمد بن أبي القاسم الحاسمي وبين بعض علماء أهل السنة واسمه رفيع الدين الحسين صداقة وصحبة قديمتان وشراكة في الأموال ومخالطة في أكثر الأحوال وفي الأسفار ولم يكن أحدهما ليخفي مذهبه عن صاحبه وكان أبو القاسم يدعو رفيع الدين مازحاً بالنصب كما ينسب رفيع الدين أبا القاسم إلى الرفض ولم يقع بينهما خلال صحبتهما أي بحث في المذهب إلى أن اتفق لهما يوماً أن تبادلا الكلام في ذلك وكانا في مسجد بلدة همدان الذي يقال له المسجد العتيق وأثناء الكلام جعل رفيع الدين الحسين يفضل فلاناً وفلاناً على أمير المؤمنين (ع) ورد عليه أبو القاسم ففضل أمير المؤمنين (ع) على فلان وفلان واستدل أبو القاسم على صحة مذهبه بذكر الآيات والأحاديث الكثيرة وذكر المقامات والكرامات والمعجزات التي صدرت عنه (ع) بينما جعل رفيع الدين يعكس الأمر، ويستدل على فضل أبي بكر على علي (ع) بصحبة النبي (ص) له في الغار ودعوته إياه بالصديق الأكبر بين المهاجرين والأنصار وأنه خص من بينهم بالمصاهرة والخلافة والإمامة كما أورد عن النبي (ص) حديثين في شأن أبي بكر وأحدهما أنه منه بمنزل القميص... الخ والآخر أنه (ص) ينصر باثنين بعده أبي بكر وعمر فلما سمع أبو القاسم مقالته قال له: بأي وجه وسبب تفضل أبا بكر والإنس الأوصياء وسند الأولياء وحامل اللواء وعلى إمام الجن والإنس قسيم الجنة والنار في حين أنك تعلمت أن علياً (ع) هو الصديق الأكبر والفاروق الأزهر وهو أخو رسول الله (ص) وزوج البتول؟ وتعلم أيضا أنه عندما خرج رسول (ص) نحو الغار هارباً من الظلمة والفجرة الكفار نام في فراشة وشاركه في العسر والفقر وأن رسول الله (ص) سد أبواب الصحابة إلى المسجد إلا باب علي (ع) وأنه رفع علياً (ع) على كتفه فحطم الأصنام في فجر الإسلام وأن الله عز وجل زوجه من فاطمة (ع) في الملأ الأعلى وأنه قاتل عمرو بن عبد ود العامري وفاتح خيبر وأنه لم يشرك بالله طرفة عين على نقيض أولئك الثلاثة وتعلم أن رسول الله (ص) شبهه بالأنبياء الأربعة حيث قال:
من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه وإلى موسى في شدته وإلى عيسى في زهده فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
فمع هذه الفضائل والكمالات الظاهرة الباهرة إلى قرابته من رسول الله (ص) إلى رد الشمس له كيف يعقل أو يجوز تفضيل أبي بكر على علي (ع)؟! فلما سمع رفيع الدين مقالة صاحبة وظهور فضل علي (ع) على أبي بكر تزعزع ما كان يربطه بأبي القاسم من علاقة خاصة وتبادلاً كلاماً قال رفيع الدين بعده:
أترضى بحكم أول داخل إلى هذا المسجد فإلى أينا حكم رضينا حكمه؟
تردد أبو القاسم هنيئة فهو يعرف تماما مذهب أهل الحمدان وأنهم من أهل السنة فخاف من هذا الشرط لكنه أمام إلحاح صاحبه قبل بالشرط على مضض ولم يمض إلا قليل حتى ظهر شاب تبدو عليه مخايل النجابه والجلالة وكان يبدو من حالته أنه قادم من سفر ودخل الشاب المسجد وطاف فيه وبعد الطواف دنا منهما فسارع رفيع الدين إليه وهو يضطرب وبعد السلام على الشاب عرض عليه ما كان بينه وبين صاحبه وبالغ في إظهار مذهبه إلى الشاب مشفعاً أقواله بالإيمان المؤكده وأقسم عليه أن يقول ما يعتقد واقعاً فبادر الشاب دون توقف فأنشد هذين البيتين:
ومتى أقل مولاي أفضل منهما ****** أكن للذي فضلته متـنقــــصاً.
ألم تر أن السيف يزري بحده ****** مقالك هذا السيف أحدى من العصا
وبعد أن فرغ الشاب من قراءة البيتين وأبو القاسم ورفيع الدين في ذهول مما رأياه من فصاحته وبلاغته أراد معرفة المزيد عن حاله لكنه غاب عن ناظريهما ولم يجد له أثراً فما كان من رفيع الدين بعد أن رأى ما رأى إلا أن تخلى عن مذهبه وقال بالإمامة الأثني عشرية.