نقل السيد ((آقا معين الشيرازي)) من سكان مدينة طهران فقال: خرجت يوماً مع أحد أبناء عمي في شارع طهران ووقفنا ننتظر سيارة أجرة لتقلنا إلى مكان بعيد نبغيه، وقفنا نصف ساعة كلما مرت سيارة أجرة كانت اما مملوءة بالركاب أو خالية لكن لم تتوقف، وعندما تعبنا أتت سيارة أجرة وتوقف بها سائقها وقال لنا: تفضلوا أيُّها السَّادة لأنقلكم حيث تشاؤون. ركبنا السَّيارة وأخبرناه بمقصدنا.
وفي الطَّريق قلت لابن عمي: الحمد لله الَّذي وجدنا أخيراً في طهران سائقاً مسلماً رق قلبه لحالنا وأقلنا.
لما سمع السائق كلامي قال: أيُّها السَّادة في الحقيقة أنا لست مسلماً، بل أرمني.
قلت: أذن فلم اهتممت لحالنا؟
قال: مع إني لست مسلماً لكني أعتقد بعلماء الإسلام ومن يلبس لباس أهل العلم، وأعتقد ان احترامهم واجب لما رأيت منهم.
قلت: وما رأيت منهم؟
قال: عندما حُكم على الشيخ ((صادق مجتهد التبريزي)) بالنفي من تبريز إلى طهران تم نقله بسيارتي، وفي الطريق اقتربنا من شجرة ونبع ماء، فقال لي الشيخ: توقف بجنبهما لأصلي الظهر والعصر. لكن الضابط الَّذي كان مكلفاً بمرافقته حتى منفاه قال لي: لا تعتن بكلامه وتابع سيرك. وهكذا فعلت، وعندما وصلنا بمحاذاة الماء توقفت السيارة لوحدها، ونزلت لأحاول تشغيلها ومعرفة علة توقفها فلم أهتدِ ولم أفق. عندها قال الشيخ للضابط: ما دامت السيارة متوقفة فدعني أصلي. سكت الضابط وترجل الشيخ وصلى، وانشغلت بالبحث عن على توقف السيارة، وبعد أن فرغ الشيخ من صلاته اشتغلت السيارة لوحدها. ومنذ ذلك الحين علمت أن لأهل هذا اللباس احتراماً وكرامة عند رب العالم.
نقل ((إيماني)) فقال: في اليوم الأول لدخول ((البيد آبادي)) إلى بيتنا أوصى والدي فقال: ليكن أكلي مما تحضره أنت فقط، ولا تقبل ما يحضره الآخرون.
وفي أحد الأيام أحضر أحد العلماء زوجاً من الطيور وقال لوالدي: أحب أن تشويها وتضعها أمام الشيخ ((البيد آبادي)) .. فقبلها الوالد غافلاً عن وصية الشيخ، فشوى الطيرين ووضعهما أمام الشيخ عند العشاء، وما أن رأى ((البيد آبادي)) الطيرين حتى قام عن السفرة، وقال لوالدي: أوصيتك بعدم قبول هدية من أحد. ولم يأكل منها شيئاً.
***
لا تتعجب عزيزي القاريء من عدم تناول ((البيد آبادي)) للطيور تلك رغم ان أحد العلماء هو الَّذي أحضرها، فقد يكون من أحضرها لذلك العالم لم يرض صائدها، أو ان الصياد لم يذكّها كأن لم يذكر اسم الله عليها عند ذبحها، أو لاحتمالات أخرى، وبما أنّ لتناول لقمة الشبهة أثراً في قساوة القلب وغلظته، لذلك يحترز ذلك العالم الكبير ((البيد آبادي)) من تناولها.
الخلاصة هي ان اللقمة الَّتي يتناولها الإنسان بمثابة البذرة التي تزرع في الأرض، فإذا كانت بذرة جيدة فستكون ثمرتها جيدة كذلك، وإلاَّ فستكون سيئة مثلها، وإذا كانت اللقمة حلالاً وطاهرة فستكون ثمرتها لطافة القلب وقوة آثار الروح، وإذا كانت لقمة حرام فتكون ثمرتها قساوة القلب والميل إلى الدنيا والشهوات والحرمان من المعنويات.
وليس موضع عجب أن يعرف عالم كبير كالبيد آبادي خبث وشبهة الطيور تلك، فالإنسان ببركة التقوى وشدة الورع وخاصة الإحتزاز عن لقمة الشبهة تكسبه صفاءً في القلب ولطافة في الروح، فيدرك بذلك الأُمور المعنوية والتي هي ما وراء الاحساس.
أمثال هذه القصة وأفضل منها نقل عن عدة من العلماء الربانيين، وبما أن ذكرها جميعاً يخرج عن نطاق هذا المختصر فسأكتفي بذكر واحدة منها نقلها ((النوري)) في المجلد الأول من كتابه ((دار السلام)) عند ذكره لكرامات العالم الرباني السيد ((محمد باقر القزويني)).
قال: نقلت بنت أخ السيد ((بحر العلوم)) ان السيد ((مرتضى النجفي)) قال: ذهبت برفقة السيد ((القزويني)) لزيارة أحد الصلحاء، وعندما أراد السيد النهوض من مجلسه قال له ذلك الرجل: في بيتنا اليوم يوجد خبز طازج وأحب أن تأكلوا منه. وافق السيد، وعندما وضعت السفرة أخذ السيد لقمة من الخبز وما أن وضعها في فمه حتي تراجع عن السفرة إلى الخلف ولم يتناول من الخبز شيئاً، فسأله صاحب البيت: لماذا لا تتفضل؟
فقال السيد: إمرأة حائض خبزت هذا الخبز.
فتعجب الرجل لعدم علمه بذلك وذهب لتحقيق ذلك فعلم بصحّته ثم أتى بخبز آخر فأكل منه السيد.
فعندما تخبز المرأة الحائض خبزاً علق بذلك الخبز نوع من القذارة والوساخة المعنوية التي يدركها صاحب الروح اللطيفة والقلب الصافي، إذ فما هو حال الخبز الَّذي يعده من هو مبتلى بأنوع التلوثات من نجاسات معنوية وظاهرية.
ونقل كذلك عن أحوال السيد ((إبن طاووس)) أنه كان لا يأكل من الطعام الَّذي لم يذكر عليه إسم الله عند إعداده، عملاً بقوله تعالى: ﴿ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه﴾
الويل لهذا العصر الَّذي استبدل ذكر إسم الله على الطعام حين إعداده بالموسيقى وآلات اللهو، وقرنوا نعمة الله بمعصيته، وأسوأ من ذلك الخبز المعد من قمح أو شعير كان زكاة ومن حق الفقراء، أو كانت الأرض الَّتي زرع فيها غصباً، وإن كان الآكل المسكين لا يعلم بهذه الأمور إلاَّ أن أثرها الوضعي والحتمي موجود. من هنا نعلم سبب قساوة القلوب في هذا العصر ولم تعد الموعظة تؤثر، وتسلطت عليهم وساوس الشيطان حتى عزَّ وندر وجود صاحب اليقين والقلب السليم، وصار مع هذه الحال خروج أحد من الدنيا بإيمانه محل تعجب.
نقل السيد ((إيماني)) فقال: ((حسين آقا مجده)) وهو عمي زوج والدتي مرض هو ووالدتي مرضاًً شديداً وأشرفا على الموت، فجئنا بالشيخ ((البيد آبادي)) إليهما فقال: أحد هذين المريضين لا بد أن يذهب (يموت) وقد سألت الله أن يشفي ((حسين آقا)) وسيشفى إن شاء الله. وفي نفس الليلة توفيت الوالدة وشفى الله ((حسين آقا)) وما زال سالماً.
وفقت للقاء العالم الكبير ((السيد فرج الله البهبهاني)) اثناء السفر إلى الحج وسمعت منه ان معجزة وقعت في منزله أثناء إقامة مجلس العزاء على سيد الشهداء الحسين بن علي (ع)، فرجوته أن يكتب لي ما حصل، فكتبها لي بخط يده وأرسلها لي وفي ما يلي أنقل لكم النص الذي كتبه بنفسه:
كان هناك شخص اسمه عبد الله من مواليد قرية جابرنان من توابع رامهرمز لكنه كان يسكن مدينة بهبهان، وكان قد تعرض للشلل في احدى ساقيه بتاريخ 28\محرم\1383 هـ ولا يستطيع التنقل دون عكازات ومع ذلك لا يستطيع السير مع عكازاته إلا لخطوات معدودة، وكان بعض المؤمنين يتولون أمر تأمين معاشه ومساعدته، إلى أن راجع الدكتور غلامي الذي اكد له ان لا أمل من شفائه.
بعدها جاء اليّ طالباً مني تأمين وسيلة تنقله إلى الأهواز، بحمد الله تأمنت وسيلة النقل وارسلت معه رسالة توصية إلى ((العلامة البهبهاني))، وقد ارسله العلامة البهبهاني إلى الدكتور ((فرهاد طبيب زاده)) دكتور مستشفى ((جندى شاهبور)) وبعد الفحص وصور الأشعة ابدى الدكتور ياسه وقال له: رجلك غير قابلة للعلاج وقد اظهرت الفحوصات وجود غدة سرطانية في وسط ركبتك.
ونقله العلامة على نفقته إلى مستشفى شركة النفط في عبّادان فأخذوا أربع صور أشعة لساقه دون جدوى، وعاد إلى بهبهان بنفس الحال.
عبد الله المذكور قال: خلال هذه المدة كنت اشاهد احلاماُ مؤملة وكنت ارتاح لها حتى رأيت في احدى الليالي اني دخلت باحة بيتك ولم تكن أنت هناك، لكن كان هناك سيدان كبيران نورانيان يجلسان تحت شجرة التفاح في حديقة منزلك وفي هذه الأثناء دخلت أنت، وبعد التحية والسلام عرّف السيدان نفسيهما على ان أحدهما الإمام الحسين (ع) والآخر ابنه علي الأكبر (ع)، فقدم الحسين (ع) لك تفاحتين وقال لك: خذها هاتين واحدة لك ولتكن الأخرى لابنك وستظهر نتيجة هاتين التفاحتين بعد عامين وسيتكلم ست كلمات مع الحجة بن الحسن (عج).
وتابع عبد الله قائلاً: عند ذلك طلبت منك أن تسأل حضرته أن يعمل على شفائي، فقال أحدهما عليهم السلام كن في يوم الاثنين من شهر جمادي الثاني. لعام 1384 هـ إلى جانب المنبر المعد لإقامة العزاء في منزل البهبهاني وستعود برجل سالمة، لشدة شوقي استيقظت من نومي وانتظرت اليوم الموعود.
ونقل لي عبد الله الرؤيا هذه، وفي يوم الاثنين الموعود رأيت عبد الله وقد حضر إلى بيتي متكئاً على عكازتيه وجلس إلى جوار المنبر، ثم نقل لي: بعد ساعة من الجلوس احسست بالحياة تعود إلى رجلي المشلولة وكأن الدماء عادت لتجري في العروق من جديد فمددتها ثم ثنيتها فوجدتها سالمة، ومع ان قارىء العزاء لم يكن قد أنهى المجلس بعد، لكني نهضت ثم جلست دون استعانة بالعكازات، فأخبرت من كان حولي.
رأيت عبد الله وقد أتى نحوي وصافحني وارتفع صوت الصلوات على النبي وآله عليهم السلام من حضار المجلس ومنذ ذلك الوقت أراحه الله من الشلل، فأقيمت مجالس الفرح في المدينة، وفي اليوم التالي أقمت في منزلي حفلاً باسم اعجاز سيد الشهداء (ع) وحضره جمع غفير وتم تصوير الحفل.
أن مدى عظمة الأجر لزائر الإمام الحسين عليه السلام ومحيي مجالسه ومعظم شعائره. سابقا كان قبر الإمام الحسين عليه السلام في عرض الصحراء حيث لا أثر ولا علامة تميزه, ولم يكن باستطاعة أحد الاهتداء إليه وزيارته من غير دليل مرشد، ومن ناحية ثانية كان الجواسيس منتشرين في تلك الناحية ومأمورين بالقبض على كل زائر يتجه صوب القبر المشرف لتسليمه إلى السلطات آنذاك وقد أدخل هذا الأمر الرعب في قلوب الوالهين لزيارة الإمام عليه السلام ولم يكن أحد ليجرؤ على الزيارة في هذا الصدد يقول عبد الله ابن بكير قلت له: للإمام الصادق عليه السلام: أني انزل الأرجان وقلبي ينازعني إلى قبر أبيك فإذا خرجت فقلبي وجل مشفق حتى أرجع خوفاً من السلطان والسعاة وأصحاب المصالح! فقال الامام عليه السلام: يا ابن بكير أما تحب أن يراك الله فينا خائف، أما تعلم انه من خاف لخوفنا أظله لله في ظل عرشه وكان محدثه الحسين عليه السلام تحت العرش، وأمنه الله من أفزاع يوم القيامة. يفزع الناس ولا يفزع، فإن فزع وقّرته الملائكة وسكنت قلبه بالبشارة , ففي ذلك اليوم العصيب الذي ينشغل كل بنفسه ومصيره, الذين تحملوا المشاق والهوان في سبيله عليه السلام سيحظون بالأمن ويشرف التحدث معه أما الذين لم يسيروا في ذلك الطريق ولم يتحملوا الصعاب فيه فسيحرمون هذه النعمة العظيمة.
أعظم آية ومعجزة للنبي صالح عليه السلام هي الناقة فقد طالبه جماعة من قومه أن يخرج لهم ناقة من بطن الجبل ليتبين لهم صدق دعواه، إن كان نبياً استجاب الله دعوته ولم يرد صالح عليه السلام طلبهم فتوجه إلى الله تعالى وسأله ذلك، فخرج صورت رهيب من الجبل وانشق إلى نصفين ثم خرجت ناقة عظيمة قيل: انها تعادل في ضخامتها عشرات النوق؛ يتبعها فصيلها.
وهذا ليس بعزيز على الله فلقد خلق آدم وحواء من قبل من دون أبوين، وخلق عيسى من أم فقط. يقول لله تعالى "إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ "
وكانت الناقة وبراء جميلة تسير كالانسان المؤمن الحكيم، وكانت تأكل من حشائش الأرض حتى إذا وصلت زرع الناس لم تنل منه حتى بمقدار حبة، وكانت لا تطأ قي سيرها زرع أحد أو إنساناً أو حيواناً أو حشرة رغم ضخامتها، بل كانت تتحاشى ذلك في مشيها وسيرها وكانت الحيوانات الأخرى تخشاها بقدرة الله تعالى. وهكذا كانت إعجازية في كل شي وليس في وجودها وخلقتها فقط فلقد كانت تشرب في اليوم الواحد ماء القرية بأكمله أي تشرب الماء الذي يشرب منه مئة ألف إنساناً مثلاً، وتدع اليوم الذي يليه لأهل القرية يشربون منه، فكان لها شرب ولهم شرب يوم معلوم كما ورد في الآية الكريمة في قوله تعالى "قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ".
وكانت تعطي الحليب كل يوم بمقدار الماء الذي تشربه وتلك معجزة أخرى، فإن الحيوانات التي تعطي الحليب لا تعطي بمقدار ما شربته من ماء بل اقل منه بكثير, لكن هذه الناقة كانت معجزة في كل شؤونها! عرض أصحاب الحجر عن الآيات كلها وقرروا قتل الناقة بزعم أنها تحرمهم من الماء يوماً كاملاً، مع انهم كانوا يستفيدون من حليبها! ولكنه الطغيان والعياذ بالله و وعظهم نبيهم قائلاً: إن عقرتم الناقة فإنا الله تعالى سينزل عليكم عذاباً من عنده.
فقالوا: فلينزل علينا العذاب فلا نبالي ولم يبالوا بتحذيرات النبي صالح عليه السلام وعقروا الناقه, عقرها شخص يسمى (قيدار) كان أشقاهم. وقتلوا فصيلها أيضاً وقيل: إنه عاد الى الجبل مفجوعا ثم تقاسموا لحم الناقة بينهم! هنا أخبرهم نبيهم عليه السلام ان الله سينزل عليهم العذاب بعد ثلاثة أيام، تصفر وجوههم في اليوم الأول. وتحمر في اليوم الثاني وتسود في اليوم الثالث! ثم ينزل عليهم العذاب إن لم يرجعوا حتى ذلك الحين!
سبحان الله ما اعظم رحمته فمع أن هؤﻻء القوم كذبوا المرسلين واستمروا في تكذيبهم حتى بعد نزول الأيات يمهلهم الله تعالى ثلاثة أيام عسى أن يتوبوا فيعفوا عنهم ويقبلهم ولكنهم مع ذلك لم يرجعوا واستمروا في غيهم، حتى كان اليوم الثاني فاصفرت وجوه الذين لم يؤمنوا بصالح عليه السلام فقال ضعفائهم لكبارهم : لقد اصفرت وجوهنا وان صالح صدق فيما قال.
فأجابوهم: دعوها تصفر! وفي اليوم الثاني احمرت وجوه القوم لكن الأشقياء أجابوا المعترضين: لعل صالحاً سحركم، دعوها تحمر. حتى كان اليوم الأخير فاسودت وجوههم فقالوا: لن نؤمن له ولو هلكنا! فانزل الله عليهم جبرئيل فصاح فيهم صيحة قطعت نياط قلوبهم وأصبحوا في ديارهم جاثمين !!!.
نقل ((البوشهري)) فقال: كان جدَّي الشيخ ((ملا عبدالله البهبهاني)) تلميذاً للشيخ الأعظم ((مرتضى الأنصاري)) وكان مبتلى بكثرة القروض بسبب حوادث الدهر حتَّى وصل قرضه إلى مبلغ 500 تومان (وكان آنذاك مبلغاً كبيراً جداً) وكان أداؤه محالاً، فذهب إلى أُستاذه ((الأنصاري)) وأخبره بذلك، ففكر ((الأنصاري)) لحظة ثم قال له: سافر إلى تبريز وسيفرَّج عنك إن شاء الله.
سافر جدي إلى تبريز وذهب إلى منزل إمام جمعتها آنذاك وكان من أشهر علمائها، فلم يعره إهتماماً خاصاً، فبات ليلته في مضافة مضيفه.
وبعد أذان الصبح طُرق باب بيت إمام الجمعة، ففتح الخادم فوجد كبير تجار تبريز، فقال له: عندي شغل مع إمام الجمعة.
ذهب الخادم وأخبر إمام الجمعة، فأتى إمام الجمعة وقال له: ما الَّذي دعاك للمجئ في هذا الوقت المبكر؟
قال كبير التجار: هل أتاك ليلاً أحد من أهل العلم؟
قال: نعم، أتى أحد أهل العلم من النجف الأشرف، ولم أكلمه بعد لأعرف من هو وما سبب مجيئه.
قال: أرجوك أن تكل ضيفك هذا لي.
قال: لا مانع من ذلك، الشيخ في هذه الغرفة.
وأخذ كبير التجار جدِّي باحترام تام إلى بيته، ودعا 50 تاجراً إلى مائدته لتناول طعام الغداء، وبعد الانتهاء من الطَّعام قال لهم: أيّها السَّادة الليلة الماضية كنت نائماً في بيتي فشاهدت في منامي أني خارج المدينة ورأيت الجمال المبارك لأمير المؤمنين (ع) راكباً ومتوجهاً إلى المدينة، فركضت نحوه وقبَّلت ركابه وقلت له: يا مولاي ماذا حدث حتَّى زيّنت تبريز بقدومك المبارك؟ فقال (ع): على قروض كثيرة وأتيت مدينتكم لتقضي قروضي.
وعندما استيقظت فكرت في ذلك وعبَّرت رؤياي بأنه لا بد ان شخصاً مقرباً لحضرته (ع) عليه قروض كثيرة أتى إلى مدينتنا، ثم فكرت وأيقنت أن المقرب من حضرته (ع) لا بد أن يكون في الدرجة الأولى من السادة والعلماء، وفكرت أين أذهب للبحث عنه، فقلت إذا كان من أهل العلم فسيرد على العلماء حتماً، فصليت الصبح وخرجت بنيّة البحث عنه في بيوت العلماء ثم إذا لم أجده أبحث عنه في الفنادق. ومن محاسن الصدف أني اخترت الذهاب إلى بيت إمام الجمعة أولاً، فوجدت الشيخ هناك وعلمت أنه من علماء النجف وأتى مدينتنا قادماً من جوار أمير المؤمنين (ع) ليؤدى قرضه، وهو مقروض بمبلغ خمسماية تومان، سأدفع منها مائة تومان. ثم دفع كل تاجر مبلغاً حتى أدّى جدي جميع قروضه واشترى بيتاً في النجف بما زاد عن قرضه، وما زال بيته موجوداً وقد انتقل إليَّ بالوراثة.