Ads 468x60px

الأربعاء، 12 يونيو 2013

بين حانا ومانا ضاعت لحانا

بين حانا ومانا ضاعت لحانا

يُحكى أن رجلاً في سن الكهولة تزوج زوجةً ثانية ، وكانت واحدة من زوجاته تُدعى « حانا » والأخرى تدعى « مانا » ، وكان عندما يأتي إلى الصغرى تدلـّله وتلاطفه في الكلام وتمسح على وجهه ، وتخلع بعض الشعرات البيضاء من لحيته حتى يبدو أكثر شباباً ليتناسب مع جيلها ، أما الكبرى فقد أصابتها نار الغيرة وبدأت تقلّد ضرتها في تصرفها مع زوجها ومعاملتها له ولكنها كانت تخلع الشعرات السوداء من لحيته حتى يبدو أكثر شيباً وكهولةً ليتلاءم مع جيلها هي ، وبذلك خلعت نساء الرجل شعر لحيته كله ، فصار يقول : بين حانا ومانا ضاعت لحانا .
Read more

عناية السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام

عناية الزهراء (ع)

قال الحاج "علي أكبر سروري": كان لي خالة علوية متعبدة وكانت بركة لعائلتنا، وكنا نلجأ إليها في الشدائد، وترتفع المصائب عنا بدعائها.

أصيبت بوجع في القلب، وراجعت عدة أطباء دون فائدة، فأقامت مجلساً نسائياً للتوسل بالزهراء بنت الرسول (ص) وأطعمت من حضرن المجلس وفي تلك الليلة رأت في منامها الصدّيقة الطاهرة الزهراء (ع) أنها أتت إلى بيتها، فقالت لها خالتي: منزلنا حقير ولم أَدْعُكِ بالأمس لزيارتنا لأنه ليس مناسباً. فقالت لها الزهراء (ع): أتيت وحضرت بنفسي وأريد الآن ان أريك داءك ودواءك. ووضعت سلام الله عليها يدها المباركة بمحاذاة وجهها وقالت لخالتي: أنظري إلى كفي. فرأت خالتي نفسها داخل الكف المبارك، ثم رأت رحمها وفيه جراحات كثيرة، وقالت لها (س): أوجاعك من رحمك فراجعي الطبيب الفلاني لتشفي.

وفي الغد راجعت ذلك الطبيب وشخّص لها المرض وعالجها وبعد مدة شفيت وذهب الوجع.

***

طبعاً لا بد من الإلفات أنه كان من الممكن للزهراء سلام الله عليها أن تشفيها في لحظة اللقاء تلك دون ان تراجع الطبيب وتستعمل الدواء، لكن الله سبحانه جعل بحكمته البالغة لكل داء دواء ويجب أن تظهر الخاصية التي جعلها في ذلك الدواء، إذن لا بد للمريض عند الضرورة من ان يراجع الطبيب، وان لا يمتنع عن استعمال الدواء، وان يعلم ان الشفاء من الله. ولكن بواسطة الطبيب والدواء إلا في بعض الاحيان التي تقتضيها المصلحة الإلهية. ولعل المصلحة لم تقتضِ ذلك بالنسبة للعلوية المذكورة لذا نراها سلام الله عليها أحالتها إلى الطبيب عملاً بالسنَّة الإلهية الجارية.

عن إبي عبد الله الصادق (ع) انه قال "إن نبياً من الأنبياء مرض فقال: لا أتداوى حتى يكون الذي أمرضني يشفيني. فأوحى الله إليه: لا أشفيك حتى تتداوى فإن الشفاء مني".

Read more

الثلاثاء، 11 يونيو 2013

خديعة أمرأة

خديعة أمرأة

يُحكى أن رجلاً بدوياً احتاج لبعض المال فأخذ خروفاً وذهب ليبيعه في سوق المواشي ، وكان السوق بعيداً والمسافة إليه ليست قريبة ويحتاج من يجلب(1) بعض المواشي أن يذهب في المساء ويبيت في الطريق وفي صباح اليوم التالي يصل إلى السوق ، وفي ساعات المساء اختار البدوي مكاناً ليبيت فيه وربط خروفه بجانبه ، وباتت مجموعات أخرى من الناس في نواحي المكان .

فرآه بعض القوم الخبثاء ، وكانت معهم امرأة ماكرة لئيمة ، فقالت ماذا تعطوني لو عشّيتكم من خروف هذا الرجل ، فقالوا نعطيك الشيء الفلاني ، فذهبت إليه وتحدثت معه وقالت له إنها وحيدة في هذا المكان وتريد أن تذهب إلى السوق ، وسألته هل أنت متزوج فقال لا فقالت وكذلك أنا ، وقالت له إنها جوعانة ولم تذق طعم الأكل منذ فترة ، فقال ما دمنا سنتزوج فلا حاجة بنا إلى بيع الخروف ، وذبحه وشوى منه وتعشيا معاً ، وبعد أن شبعت قالت له : تعال بنا نتمشى قليلاً وأخذت تتدلع عليه وطلبت منه أن يُركبها على رقبته ، فوضع ما تبقى من اللحم في خريطة(2) كانت معه ، وأركبها على رقبته ، وهي تقول له سِرْ بنا من هنا ومن هناك حتى أقبلت على جماعتها وأصبحت قريبة منهم فقالت : ها قد جئتكم به ، فهبّوا إليه . فشعر الرجل بخديعة المرأة ومكرها معه ، وكان رجلاً طويلاً عظيم البنية ، فشدّ على رجليها بيده ، ووضع يده الأخرى على ظهرها وأطلق ساقيه للريح فانطلق القوم في أثره ولكنه ضاع من بين أيديهم واختفى في ظلام الليل ولم يستطيعوا اللحاق به ، وفي الصباح ركبوا خيولهم وقصّوا الأثر فوجدوا أثر أقدامه غائراً في الأرض عدة سنتيمترات ، ووجدوه قد داس على أفعى طويلة فقطعها نصفين دون أن يشعر بذلك ، ووجدوا في الطريق قافلة جمال فسألوا صاحبها هل رأيت رجلاً يمر في الليل من هنا ، فقال لقد جفلت الإبل في الليل وكادت تدوسني ، وسمعت قرقعة ، ورأيت زَوْلاً (3) يمر كأنه السهم من هنا ولم أستطع التحقق منه لسرعته ، فعاد القوم أدراجهم مخذولين ، أما الرجل فقد وصل إلى بلاده وتزوج من تلك المرأة وعاد بها إلى أهلها بعد سبع سنوات ومعه عدة أطفال قد ولدوا له منها .

____________________________________________
(1) – يجلِب : أي يأخذ ماشيةً للسوق لبيعها ، والجَلَب :هي المواشي التي تساق إلى السوق لبيعها .
(2) – الخريطة : كيس صغير من القماش أو الجلد .
(3) – الزّوْل : هو الشبح الذي لا تظهر معالمه بسبب الظلام .
Read more

زيارة سيد الشهداء (ع)

زيارة سيد الشهداء (ع)

نقل عن صاحب مرتبة اليقين والمخلص لولاية اهل بيت النبي عليهم السلام "الحاج الشيخ محمد شفيع الجمي" قوله: في إحدى السنوات تشرفت بزياة النجف حيث مرقد أمير المؤمنين (ع) في أيام عيد الغدير، وبعد الزيارة عدت إلى موطني في "جم" ببلاد فارس، وبعد مضي عدة أسابيع وحلول شهر محرم الحرام اقمت مجالس عاشوراء ومأتم سيد الشهداء (ع) في الحسينية، وفي يوم عاشوراء اشتقت لزيارة سيد الشهداء شوقاً شديداً وتوسلت به لتحقيق امنيتي التي كانت تعد أمراً مستحيلاً.

وفي نفس الليلة وفي عالم الرؤيا شاهدت الجمال المبارك لأمير المؤمنين (ع) وزرت سيد الشهداء (ع).

وقال أمير المؤمنين (ع) لولده لم لا تعطي "محمد شفيع" حوالته؟ فقال له: أحضرتها معي. وناولني ورقة فيها سطران من نور متساويان من طرفيهما، فنظرت فيهما فإذا هما بيتان من الشعر، ومع أني لم أكن من أهل الشعر لكني حفظتهما بنظرة واحدة وهما:

لو كشف عن واحد من المخلصين للأمير فاسمه محمد وشفيع من أهل الشرف.
وفق للذهاب صوب كربلاء رغم أنه عاد قبل مدة من زيارة النجف.

فانتبهت من نوم مبتهجاً ومستيقناً من نجاحي في طلبتي، وبحمد الله فقد تيسرت أسباب حركتي ثم سافرت إلى كربلاء وتشرفت بزيارته (ع).

***

الشيخ محمد شفيع كان صديقي طوال ثلاثين عاماً تقريباً، وتشرفت للحج والزيارة برفقته عدة مرات، ورأيت فيه عالماً عاملاً ومروّجاً مخلصاً للدين ومحباً صادقاً، وكان كلما وصل إلى مدينة له لقاء ومجلس مع أخيار تلك المدينة، وكلما حضر مجلساً شد جلساءه إلى ذكر الله والنبي وآله عليهم السلام، ولم يكن يتوقف عن ذكر مناقبهم عليهم السلام وفضح أعدائهم، وكان نادراً في ملكاته الفاضلة وخاصة التواضع والحياء والأدب والمحبة لعباد الله والسخاء وطلب الخير للخلق.
Read more

الاثنين، 10 يونيو 2013

قصة اللغز وحله

قصة اللغز وحله

قلتُ لجاري ذات يوم ، وهو شيخ كبير في السبعينات من عمره : حدثني يا جاري عن قصة تعرفها أو حكاية سمعتَ بها .فقال سأحدثك بفزورة لأرى هل ستعرفها أم لا ؟ فقلتُ له تفضّل ، فقال :

يُحكى أن أحد القناصة كان يطارد صيداً يصيده في الصحراء ، وقادته خطاه حتى وصل إلى بيت مُنفردٍ في الخلاء ، ليس فيه أحد من الناس سوى فتاة صغيرة السنّ ، فحياها قائلاً :

السلام عليك يا صاحبة البيت .

قالت : وعليك السلام .

قال : أين ذهب أبوك يا فتاة ؟

قالت : ذهب يسقي الماءَ بالماء .

قال : وأين ذهبت أمُكِ ؟ .

قالت : ذهبت ترُدُّ الدمعَ بالدمع .

قال : وأين ذهب أخوكِ ؟

قالت : ذهب يَطْرُد الريحَ بالريح .

فهزّ الرجل رأسه وقد فهم كلامها وعرف أين ذهب أهلها ، ثم لوى رأس جواده وسار في حال سبيله .

وهنا توقف الشيخ عن الكلام ، فقلت له : أكمِل القصة ، قال قد انتهت ، قلت له : لم أفهم كلام الفتاة فهلاّ شرحته لي فقال : أما قولها عن أبيها بأنه ذهب يسقي الماءَ بالماء ، فهو قد ذهب يسقي بعض نبتات البطيخ التي زرعها ، ولأن ثمر البطيخ يتكون أكثره من الماء فهو كالماء ، وكأنه بذلك ذهبَ ليسقي الماء بالماء .

أما قولها عن أمها بأنها ذهبت تردّ الدمع بالدمع ، فهي قد ذهبت تبكي أحد المتوفين ، بعد أن كانت قريبات المُتوفّى قد جئنها وبكين لها عندما فقدت عزيزاً عليها ، وكأنها تعيد بذلك دموع تلك النسوة بدموعها الآن .

أما قولها عن أخيها الذي ذهب يطرد الريح بالريح ، فقد ذهب للصيد ومعه كلاب سلوقية وهي تسابق الريح في عَدْوِها وسرعتها ، حيث تطارد غزالاً سريعاً أيضاً ، وكأن الغزال والكلاب السلوقية التي تطارده ريحاً يطارد ريحاً لأنه لا يظهر منها أثناء عدوها في المطاردة إلا الغبار الناتج عن سرعة العدو .

وهكذا فهمت مغزى القصة ومعناها بعـد أن شرحـها لي جاري الشيـخ .
Read more

قضاء صلاة الميت

قضاء صلاة الميت

المرحوم الحاج "السيد محمد حسن ناجي" كان قد أوصى إبنه الأكبر "السيد محمد علي" بجملة وصايا وكان منها إستيجار من يصلي ويصوم عنه مدة طويلة، فأستأجر الوصي "السيد ضياء الدين" إمام جماعة المسجد ليصلي عن والده أربع سنوات ويصوم عنه أربعة أشْهرٍ ودفع له أجوره نقداً.

وقد نقل الوصي انه بعد مدة رأيت والدي في منامي غير مرتاح فقلت له: هل أنت راضٍ عني، فقد عملت بوصيتك وأستأجرت لك "السيد ضياء الدين" ليصلي ويصوم عنك بدل أربعة أعوام. فأجابني بتأثر: ومن يفكر بغير نفسه، فلم يُصلِّ لي "السيد ضياء" أكثر من ستة أيام فقط.

لما استيقظت ذهبت إلى "السيد ضياء الدين" وسألته: كم صليت عن والدي؟ فأجبني ما صليته فقد سجلته. فقلت له: أعلم ان أعمالك منظمة، لكني أريد أن أعلم هل رؤياي صحيحة أم لا. وبعد إصرار كثير أحضر دفتره فتبين انه لم يصلِّ عنه سوى ستة أيام، فتعجب "السيد ضياء" وقال: لقد نسيت وكنت أعتقد أني قضيت عنه معظم المدة، فتعجب "السيد ضياء" وقال: لقد نسيت وكنت أعتقد أني قضيت عنه معظم المدة، وبما أن المرحوم قال ذلك فسأشرع بقضاء صلاته بشكل متواصل من اليوم. وتبين نسيان "السيد ضياء" وصدق إخبار المرحوم.

***

جاء في كتاب غرر الحكم في جملة من الكلمات القصار لأمير المؤمنين (ع) قوله "كن وصي نفسك وافعل في مالك ما تحب ان يفعله غيرك".

المراد من ذلك هو بدل أن توصي غيرك ليصرف من مالك في الخيرات بعدك، ينبغي لك أن تبادر بنفسك لفعله في حياتك. لأن الوصي لن يكون أحرص ولا أشفق عليك من نفسك، هذا إن كان يخاف الله وعلم بوصيتك واستأجر لك من ينوب عنك، أما من استأجره نائباً عنك في الصلاة والصيام والحج وغير ذلك فقد لا يأتي بهذه الأعمال بشكل صحيح، بل وقد ينسى لعدم إهتمامه، وافرض انه أداها بشكل صحيح فهذاك تفاوت كبير بين أن يؤدي الشخص عمله بنفسه وبين أن يؤديه غيره عنه.

روي أن أحد أصحاب رسول الله (ص) اوصى أن ينفق الرسول (ص) عنه مستودع التمر الذي يملك، ولما مات عمل النبي (ص) بوصتيه، وبينما هو يوزع التمر سقطت تمرة على الأرض فأخذها (ص) وقال: لو أنفق هذا الشخص في حياته وبيده هذه التمرة كان خيراً له من أن أنفق عنه مستودع التمر هذا.

وكما قال الشيخ سعدي الشيرازي:

برگ عيشى بگور خويش فرست كس نيارد پس تو پيش فرست

الى آخر الأبيات، ترجمته بالعربية: أرسل الى قبرك ما تعيش به هناك فلن يأتي لك أحد بما تحتاجه هناك. وكل ما أعطاك الله من المال فاصرفه في مأكلك وملبوسك والباقي أنفقه، ولأي شيء تُبقيه لاُناس آخرين، وهيء الزاد لنفسك ولا ترجأ بغيرك فلن يحك جلدك الا ظفرك.
Read more

الأحد، 9 يونيو 2013

طير الحدأة والضيف

شيخ فقير

كان أحد الشيوخ معروفاً بعراقة الأصل وطيب الأرومة والمحتد عزيزاً في قومه ، ولكنه كان فقير الحال معدماً لا يملك مـن متـاع الدنيـا شيئاً ، وكانت له بندقية صيد من بنادق ذلك الزمان مَهَرَ على إصابة الهدف بها حتى أصبح يضرب به المثل في شدة التصويب وفي دقة الإصابة ، وكثيراً ما كان يخرج للصيد فيصطاد بعض الطيور والحيوانات الصغيرة كالأرانب والحَجَل وما شابه ويعود بها إلى بيته فيقتاتون بها هو وعائلته ، وكان في بعض الأحيان يعود خالي الوفاض ولا يجد ما يقتنصه ، فيبيتون على الطوى والجوع في ذلك اليوم .

وخرج ذات يوم للصيد كعادته وسار ساعات طويلة في الصحراء ولكنه لم يجد ما يقتنصه ، فأرهقه التعب والجوع حتى كاد يهلك ، ورأى أثناء سيره بيتاً كبيراً في الصحراء فقصده ليستريح فيه ، ورأى دخاناً متصاعداً من البيت فحدثته نفسه بأنه سيصيب شيئاً من الطعام عند هؤلاء القوم .

وكان البيت لأحد الوجهاء المعروفين ، وقد أعد وليمة أو قِرَى في ذلك اليوم ودعا إليها معارفه من شيوخ ووجهاء تلك المنطقة ، وفرش لهم فراشاً نظيفاً من بُسُطٍ وفرشات صوفية سميكة ووسائد جميلة مطرزة ، وكان البيت يعج بالضيوف والمعازيب ، حيث شربوا القهوة المرة وتناولوا أطراف الحديث ، حتى قارب وقت الغداء .

وعندما وصل الرجل إلى ذلك البيت ألقى التحية وكان مرهقاً رثّ الثياب أشعث الوجه رفيع العود ، وهيئته تـدل على الفقـر والحاجـة ، فظنه صاحب البيت شحاذاً أو قصَّاداً فقال له أجلس هنا يا رجل وأجلسه حيث توضع أحذية الضيوف خارج البيت ، ولم يلتفت إليه أحد أو يكترث لوجوده .

وعندما حان وقت الغداء وقُدمت المناسف وعليها اللحم والثريد ، تناول صاحب البيت قطعة من اللحم ولفَّها في رغيف من الخبز وأعطاها لذلك الأعرابـي ، وكانت اللحمة ساخنة فأخرجها الرجل وأخذ يتأملها ويتأمل ذلك المضيف ، ثم رفعها نحو فمه ليأكل منها ، وكانت حدأة (1) تحوم في الجو فوق ذلك المكان حيث شمت رائحة اللحم والزَّفر ، وكان الجوع يملأ الدنيا بسبب الجدب والمحل في تلك السنـة ، فهبطت بسرعة البرق واختطفت اللحمة من يد الأعرابي وطارت وحلقت بها عالياً في الفضاء . ونظر الأعرابي إلى قطعة اللحم التي اختطفتها الحدأة من يده قبل أن يقضم منها شيئاً وقد غلبه الجوع ونظر إلى الناس الذين أخذوا يضحكون ويسخرون منه ، فتناول بندقيته وصوَّبها بكل هدوء نحو تلك الحدأة التي خطفت اللحمة من يده وأطلق عليها رصاصة واحـدة ، فهوت الحدأة تُفَرْفِرُ حتى وقعت أمامه مقتولـة ووقعـت معها اللحمـة التي خطفتها من يده ، فنظر إليها في سخف ونظر إلى المضيف نظرة ملؤها الاحتقار والازدراء ، ونظر إلى الضيوف والمعازيب الذين سخروا منه ، ثم تناول اللحمة ومسحها من التراب في طرف ثوبه ، وأراد أن يأكلها لأنه كان جائعاً ، وكان الضيوف وصاحب البيت ينظرون إلى ذلك المشهد مدهوشين ، وهنا قام صاحب البيت من مكانه مسرعاً وتوجه نحو الأعرابي وسأله قائلاً : أسألك بالله ألست أنت الشيخ فلان الفلاني ؟

فقال له : أي والله هو أنا .

فضمه صاحب البيت إلى صدره وأمسكه من يده وأخذه وأجلسه في صدر المكان حيث يجلس الشيوخ والوجهاء ، وهو يعتذر إليه لما بدر منه من تقصير في واجبه بسبب جهله به وعدم معرفته له ، وأخذ يحدثهم عنه وعما سمعه عن سمعته الطيـبة ، وأقسم أن يعمل له قِرَىً لوحده ، وعمل له بالفعل ، وانشرحت أسارير الرجل ، وتحدث مع زملائه عن كثير من القصص والمغامرات التي تحدث معه في الصحراء ، وهكذا عاد للرجل اعتباره ، فاستراح عند مضيفه بقية ذلك اليوم ، ثم عاد إلى أهله وعشيرته ليروي لهم أحداث تلك القصة المثيـرة .

------------------------------------
(1) الحدأة : من الطيور الجارحة من فصيلة الصقور. تعيش في المناطق الدافئة من العالم في المناطق الريفية وقرب مصادر المياه.
Read more